• ×
الأربعاء 7 رمضان 1444 | 1444-06-23
د/ فاطمة الزهراء الأنصاري

لا تحقد ... لا تحسد... تربح

د/ فاطمة الزهراء الأنصاري

 0  0  7551
د/ فاطمة الزهراء الأنصاري
لا تحقد ... لا تحسد... تربح
كل داء وله دواء الا الحقد والحسد... فان الحاسد لا يمكن ان يرضى او يقر له قرار .. حتى تزول النعمة عن محسوده.. واذا زالت النعمة فلن يقر ايضاً لانه سيرى نعمة أخرى وأخرى وسيتمنى زوالها.. والحسد اعتراض على قسمة الله..
قال تعالى :"أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله"
وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الحسد فقال: (اياكم والحسد ، فان الحسد يأكل الحسنات ، كما تأكل النار الحطب).
فكل صاحب نعمة محسود و كل من يحقق نجاحا فى أي من المجالات يكون له حزب مؤيد و حزب معارض كاره له حاقد عليه ..
ان عداوة الحاسد لا يمكن ان تنتهي.. ولا يمكن ان تقف عند حد ...حتى لو عملت لارضاء هذا الحاسد ومداراته ما عملت.. حتى ولو حملت له القمر بيد .. والشمس بيد اخرى.. فانه لا يرضيه إلا زوال ما حسدك من اجله.. وربما يستمر حسده حتى إذا زال ما حسدك من أجله.

فتجد من الناس من يتقاطعون ويتدابرون ويتحاسدون دونما سبب..
بل ان بعضهم يغتاب بعضاً.. ويشتم البعض الآخر.. دون سبب.. وممكن لحاجة في نفس يعقوب..
مثل هذه النماذج القميئة في مجتمعنا.. لا يمكن قطع دابرها إلا بتجاهلها ، و تراه ينتقصك في كل مناسبة حتى لو بذلت له من المعروف ما لم تبذله لاحد غيره..
هذا هو الحاسد وهذه طبيعته...
أمــا الحقد ...فهو الغيظ المكظوم في نفس شخص ضد شخص آخر
وعلامته دوام بغض ذلك الشخص والنفور منه... فالحقد ثمرة الغضب ومن لديــه حقد لا يمكن ان يكون في قلبه مكان للتسامح او العفو ...وفقــدان التسامح من حياة الناس معناه فقــدان ركيزة أساسية من ركائز الأخلاق الحميدة والمعاشرة الطيبة في حياة الناس والمجتمعات...
إن الحقد حمل ثقيــل يُتعب حامله؛ إذ تشقى به نفسه، ويفسد به فكــره، وينشغل به بالـه، ويكثــر به همه وغمه.
ومن عجبٍ أن الجاهل الأحمق يظل يحمل هذا الحمل الخبيث حتى يشفي حقده بالانتقام ممن حقد عليه.

وللمعلومية فان الحقد و الحسد داء البشرية المستحكم و هو لا يصيب إلا الجهلاء و ضعاف النفوس ضائعى الأخلاق .. و هو معروف من قديم الأزل .. فحقد بين الاخوة كما حدث من قابيل ضد هابيل ... وكما حدث مع اخوة يوسف ضد اخوهم المفضل عند ابيهم... و نوع آخر من حقد السلطة كما كان حقد فرعون على موسى ... ويمر الزمان ونجد حقد اليهود على عيسى ويليه حقد الكفار القرشيين على نبينا الكريم ..
قال تعالى: " و قالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " حتى وصل أن نرى حقد الجهلاء على العلماء و حقد الزملاء على بعضهم فى العمل ..
والعجيب.. والغريب.. ان في مجتمعنا.. أناساً يحقدون على أشخاص بدون اي سبب.. وهذا هو الحسد والحقد الجديد في هذا الزمان..
قال احد العلماء:.. إن فساد القلب بالضغائن داءٌ عُضالٌ، وما أسرع أن يتسرب الإيمان من القلب المغشوش، كما يتسرب السائلُ من الإناء المثلوم.
وبنظرة تفكيرية عميقة ...نرى ان الشيطان قد عجز أن يجعل من الانسان العاقل عابد صنمٍ، ولكنه لم يعجز عن المباعدة بينه وبين ربه- الا من رحم الله -حتى يجهل حقوقه أشد مما يجهلها الوثني المخرّف، وهو يحتال لذلك بإيقاد نار العداوة في القلوب، فإذا اشتعلت استمتع الشيطان برؤيتها وهي تحرق حاضرَ الناس ومستقبلهم، وتلتهم علائقهم وفضائلهم، ذلك أن الشر إذا تمكن من الأفئدة الحاقدة تنافر ودها وارتد الناس إلى حالٍ من القسوة والعناد، يقطعون فيها ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض.
ان الحقد والحسد من امراض القلوب.... ودواء هذا المرض في العلم والعمل... وهذا يكون بان تعرف حقيقة ان الحسد والحقد ضرر في الدين والدنيــا وان النعمة لاتزول عن المحسود بهما... وسيكون الحاقد الحاسد هو المتضرر في الدنيا بالهم والغم... وفي الاخرة بنقصان الاجر... لاسيما اذا خرج الحقد والحسد من طور الصمت الى القول والفعل .
والعلاج لهذا الداء يستلزمُ أيضًا من المحقود عليه ان كان معتدياً على غيره... أن يُقلع عن غيِّه... ويصلح سيرته، وأن يعلم أنه لن يستلَّ الحقد من قلب خصمه إلا إذا عاد عليه بما يُطمئنه ويرضيه،, وعليه أن يُصلح من شأنه ويطيب خاطرَهُ...
وعلى الطَّرف الآخر أن يلين ويسمح ويتقبل العُذر، وبهذا تموتُ الأحقادُ وتحلُّ المحبةُ والأُلفــة.

خلاصة القول يا جماعة... قد تضعف النفس أحيانًا ..فتبغض أو تكره , ولكن لا تستقر هذه البغضاء في نفوس المؤمنين حتى تصبح حقداً أو حسدا ، فان حصل فستكون عابرة سبيــل سرعان ما تــزول؛ إذ إن المؤمن يرتبط مع المؤمنين برباط الأخـوة الإيمانيـة ؛فتتـدفق عاطفتـه نحوهم بالمحبة والرحمة..



د/ فاطمة الزهراء الأنصاري


بواسطة : د/ فاطمة الزهراء الأنصاري
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 03:07 صباحاً الأربعاء 7 رمضان 1444.

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لصحيفة نشر الالكترونية © 2021