لا أعلم هل يعي العرب معنى كلمة "فرهود" ام العراقيين فقط هم من يعرِفون هذا المصطلح الذين اخترعوه كمعنى مرادف لمفردة السرقة في العراق،
إذ تسائل كثيراً من الكُتاب وخصوصاً العرب منهم عن معنى كلمة الفرهود وبعضهم قد كتب عن الفرهود العراقي وتحاشا ان يمر بتعريف الكلمة لعدم إدراكه المعنى فأستطرد كثيراً منهم في الكتابة وسرد الأحداث التاريخية عن الفرهود عام 1941ميلادي دون التعريج على معنى الكلمة.
ويستغرِب البعض منهم ممن تطرق لمعنى المفردة حين ربطها بالسرقة حيث ذكر انه لايوجد لها في معاجم اللغة ربطاً بالمعنى المُشار اليه كمرادفاً لها يعني ذلك حسب زعمهم وأشار بعضهم ان كلمة فرهود أتت كتعريفاً بولد الوعل او صغير الأسد الحادر الغليظ وماشابه حسب المعجم ، حتى أن الكاتب الكردي جورج منصور وهو وزير سابق في حكومة كردستان العراق كان ينفي ربطها بمعنى السرقة، لكني اعذره لأعجميته وجهله في بحور معاجم اللغة العربية.
حيث أن العرب استخدموا المجاز كثيراً في لغتهم مما خلق مرادفات عديدة لما يريدون التلميح له دون التصريح لأسباب نفسية وإجتماعية ،
فكلمة فرهود اذا كانت قد جاءت بمعنى إبن الأسد فالأسد لم يستأذن يوماً فريسته وهو يعيش في غابة يسودها طابع الوحشية وإنفلات الأمن هذا من جهة.
ومن جهة أخرى أتت كلمة فرهود كمعنى لعدة مفردات في معاجم اللغة حين رجعت للبحث عن أصلها قبل أن اشرع في كتابة المقال،
وجدت في المعجم إن كلمة فرهود تعني أيضاً الطفل البدين الممتلئ وهذا يدل على عمق معرفة العراقيين باللغة حين وصفوا ولمحوا للسرقة بالفرهود،
فيتداول عند العرب إن بدانة الطفل هي سمة للغشم ناهيك عن جهل الصغير قبل وصف البدين بالغشم والعشوائية والجراءة ويزداد لديك الربط حين تربط هذا بمعناها في إبن الأسد حيث جهله ووحشيته كنزعة وسلوك للحيوان المُفترس.
العرب هم أكثر الناس إستخداماً للمجاز لأسباب ذكرتها انفاً
حيث كانت تستخدم مفردة "تشليح" لنهب الأملاك السائبة او المتروكة وكُثر إستخدامها عام 1991/1992 ميلادي بين بعض البدو عندما قام أناس منهم "بتشليح" ماتبقى من تركات الجيش الأمريكي بعد تحرير الكويت من أدوات واخشاب والمونيوم وغيرها فدرج هذا المعنى حينها بين البعض، والفرهود والتشليح كلاهما سيء لأنها ليست حقوق لمن مد يده لها ولكن شتان بين الترِكات السائبة وبين إغتصاب الحقوق!
حيث تعرض اليهود العراقيون ببغداد عام ١٩٤١ ميلادي للسطو على ممتلكاتهم وتم قتل بعضهم بعد سقوط حكومة رشيد عالي الكيلاني فكانت جريمة حقيقية.
لنعود للفرهود العراقي الحالي الذي بدا تاريخه من بعد إزاحة الرئيس الراحل صدام حسين من حُكم البلاد.
بدأ سقوط الحكومة بفرهود حقيقي يُعرض ليل نهار على شاشات التلفاز عام 2003 لبضعة ايام وعلى مرئى ومسمع من جنود رامسفيلد الذي برر ذلك بنوعاً من انواع الحرية التي تنفسها العراقيون بعد حِرمان دام طيلة حكم حزب البعث للعراق حسب زعمه.
اما الفرهود الآخر الذي كانت حلقاته قد بدأت منذ سقوط بغداد إلى الآن تعرض بشكل يومي على نشرات الاخبار من ذلك الحين ويستفحِل وضع الفرهود في اوقات الذروة كأوقات الانتخابات للمجالس المحلية والانتخابات النيابية وتعيين الوزراء والسفراء ورؤساء الهيئات والمحافظات والبلديات والمناصب العسكرية في كل حكومة جديدة تتشكل بناء على مزادات علنية تُفتح في بغداد واربيل وطهران وعمان واسطنبول إلى أن ينتهي المزاد ويستوفي "الشقاة" سعيهم واخذ اتعابهم نعم هم شقاة كما وصفهم المؤرخ العراقي علي الوردي رحمه الله لكنه وصف الذين سرقوا ونهبوا أملاك اليهود ولم يدرك سراق المتاحف والآثار في زمن سقوط بغداد ولم يدرك شقاة السلطة الحاليين! مات قبل هذا التاريخ والا قد يصف سراق السلطة بأبشع من مفردة الشقاة.
فالفرهود تشبعت به ارض العراق من شماله لجنوبه ومن شرقه لغربه على أيدي شقاة العراق واراذل المُبعدين وشذاذ الآفاق الذين استخدمهم المحتل الأمريكي والايراني فيما بعد لسلب حقوق شعب العراق المُضطهد منذ ستة عشر عاماً.
فطال الفرهود "السرقة" لجميع مايتخيله العقل ومالم يتخيله عقل بني آدم.
فرهود عام ١٩٤١ كان على أيدي منفلتين قاموا بجريمة كبيرة لاشك ولكنها لم تطال الا اليهود الذين قُدر عددهم بالمئات وهذا ليس تبريراً لذلك الفعل الإجرامي ولكن مقارنة بفرهدة شعب يصل تعداد سكانه لحوالي ثلاثين مليوناً على مدى عقدين من الزمن تقريباً فهذه كارثة الكوارث وهو فرهود العراق الأعظم.
منذ سنوات أدرج الدكتور العراقي فراس الزوبعي هاشتاق #العراق_دولة_المليشيات على منصات وسائل التواصل فقلت له أخطأت يا إبن العم فلو كتبت العراق أرض المليشيات لكان صواباً لان العراق قد تفرهد ولم يبقى هناك مسمى للدولة فما بقي الا الأرض التي تُطارد بعرضها خيول الأوباش فما كان منه إلا أن وافقني برسالة ممازحا نعم صدقت (انك أتيت بالمفيد)
سُرقت المناصب سُرقت الشهادات سُرق التعليم بأكمله سُرقت الصحة بل نُهبت صحة العراقيين جراء النقص الحاد في مستلزمات الدواء ونقص الراحة التي أتت لهم بجميع أمراض الضغط والسكر والقلق والأمراض النفسية حتى عند الأطفال العراقيين،
سُرقت كرامتهم سُرقت لقمة عيشهم سُرقت ثروات العراق من زراعة واسماك وموارد مائية وكهرباء سُرقت القيم والمبادئ حتى تجد المسئولين العراقيين يبتاعون ويشترون بالمناصب علناً ويعترفون بأخذ الرشاوي والاموال مقابل إغلاق ملفات فساد كما اعترف بهذا عضو لجنة النزاهة بالبرلمان العراقي مشعان الجبوري،
سُرقت الأصوات في الإنتخابات وحُرقت أمام أعينهم كوبونات التصويت واُستبدلت بأخرى جاهزة أتت من إيران لصالح الحِزب الفلاني التابع لهم سُرقت الفتوى سُرق الدين بأكمله حيث قام بعض مشايخ العراق يفتي بالقتل علناً على المنابر وتحليل دم أبناء جلدته سُرق الدستور الذي وضعته تلك العُصبة الحاكمة نفسها حيث تكفلوا بمنح المواطن حق التعبير عن راية وحق التظاهر وعندما خرج ليطالب بحقه نحروه من الوريد للوريد في الشوارع أمام أعين العالم المتخاذل سُرق الأمن واستبدلوه ببطش المليشيات التي تتحكم بتوزيع السرقات،
وسُرق الحسين عليه السلام ورضي الله عنه حيث استبدلت ثورته ضد الظلم بثورة شعارات وثارات ولطميات وبكاء وعويل وتصاوير وتمثيليات يضحكون بها على ذقون الُسذج والمساكين تُعرض في كل موسم من مواسم عاشوراء وينتهي الأمر .
كل شيء سُرق بالعراق وأعتقد أنه حتى مفردة السرقة قد تُستبدل بمفردة أخرى ليسلم السُراق من تهمة السرقة،
الشاهد من هذا الموضوع بأكمله انه لا يجدر بالعراقيين الان الا إستبدال مسمى جمهورية العراق بجمهورية الفرهود حتى يُسترد العراق من شقاة ودواعش وسُراق السلطة.