يبدو ان الايام القادمة لن تكون سهلة بالمرة على الاقتصاد التركي الذي يحاول التعافي على مهل , اذ و مع تكرر اقتران اسم تركيا بتمويل الارهاب و غسيل الاموال بسبب سياساتها في المنطقة السنوات الاخيرة , بدأت العديد من المنظمات الدولية المسؤولة عن مراقبة تبييض الاموال حول العالم بوضع تركيا تحت مجهر مراقبيها .
لا يخفى على أي من المتتبعين لتاريخ الدول التي انتهجت نهج تبييض الاموال لانتشال اقتصادها , مآلات هذه السياسة الانتحارية و خطورتها على مدى المتوسط و البعيد , فهذه الجريمة الاقتصادية و إن كانت تدُر سيولة هامة للدول التي تعاني من صعوبات مالية إلا انها تدمر الاقتصاد تدريجيا و تجعل البلاد مرتعا لميلشيات اجرامية ستتحول مع الوقت الى دولة داخل الدولة .
في هذا الاطار اشارت تقارير اعلامية عديدة نية مجموعة العمل المالي FATF نشر تقرير مفصل عن مدى جدية تركيا في مكافحة غسيل الاموال و تمويل الارهاب بعد ان رصدت هذه الهيئة الدولية خروقات عديدة خلال شهري فبراير و مارس من هذا العام .
اغلب المؤشرات تشير الى امكانية وضع تركيا في "القائمة الرمادية" لفريق العمل المالي على أساس النتائج التي توصل إليها التقرير المزمع نشره اواخر شهر ديسمبر .
أحد الأسباب الرئيسية لهذا التغيير المحتمل في تصنيف تركيا هو تواجد عدد من قيادات حركة حماس الاسلامية بالاراضي التركية , فبعد نشر وزارة الخزانة الأمريكية قائمة لشركات صرافة تابعة لحماس بتركيا متهمة بتبييض الاموال توقع الجميع ان تحصل قطيعة بين الحليف التركي و حماس الا ان اصرار حكومة اردوغان على تجاهل التحذير الامريكي خلف العديد من التساؤلات بالشارع التركي عن قدرة اقتصاد بلادهم على تجاوز أي عقوبات اقتصادية محتملة .
تجد الحكومة التركية نفسها اليوم امام خيارين لا ثالث لهما , اما التحلي بنوع من الليونة و مراجعة سياساته المتعلقة بتمويل الجمعات الموالية لها بالمنطقة او مواجهة عقوبات اقتصادية غربية محتملة قد تعصف بالتوازن الاجتماعي للبلاد و تهدد الاستقرار السياسي الهش التي تعيشه انقرة .