عطرها ورد
الرحالة. د. زكيه آل زيد القرشي
السرد"6""
السرد"6""
كنا قد توقفنا في السرد الخامس مع فضيلة الشيخ/ حسن مظروب وتلاوة آيات من الذكر الحكيم في صباح الطائف الذي تدثرت فيه بحلّة العروس وكيف لا تكون كذلك وهي عروس المصائف ومصيف الملوك.
ومن الطائف القديم داخل السور تجلى صوت المقرئ فكان لتلاوته أحسن الأثر لمناسبة المقام، ثم تقدم الشيخ/ عبدالوهاب عرب فألقى خطبة افتتاحية بيّن فيها الغاية النبيلة والغرض الأسمى من وراء هذا التحول الميمون، ثم قرأ على الحاضرين برقية جلالة الملك المعظم التي تنص على نزوله على رغبة رعاياه وختمها بالدعاء للملك المعظم بالبقاء والتوفيق، ثم وقف سيادة السيد سعيد شطا فدعا دعاءً بليغاً حاراً وأطلقت المدافع وأدى الجند التحية الملكية ثم تقدم الأديب محمد صالح كشميري أحد أساتذة المدرسة الأميرية فألقى خطاباً شيّقاً كان له وقع جميل في النفوس، ثم تقدم الشاب سليمان قاضي وألقى خطبة مؤثرة جميلة وأعقبه التلميذ بكر قاضي بكلمة لطيفة وتلاه التلميذ أحمد عبدالجبار، وبعد الانتهاء دارت على الحاضرين كؤوس المرطبات وكانت روائح العود تفوح في وسط هذا الجمع الرهيب.
بعد انقضاء الحفل التاريخي المبهج والمثلج لقلوب أبناء الوطن في قصر الإمارة، وكما ورد في الطائف القديم.
تفضل أمير الطائف بزيارة الدوائر الحكومية، فكانت زيارته الأولى لدائرة المالية فالشرطة فالبلدية فالبرق والبريد.
وفي ذلك اليوم عاش الشعب حالة فرح عارمة وكما ذكر استاذي القصّير.
كان الشعب على اختلاف طبقاته ظاهرة عليه دلائل الفرح والمسرات والجميع يدعون لجلالة الملك بالعز والتأييد متمنين من الله- عزوجل- أن يجعل هذا اليوم فاتحة عهد زاهر في عصر هذا الملك العادل أبقى، الله تعالى أيامه وحفظ الله للبلاد نائبه الفخم سمو الأمير فيصل المعظم ووفق عماله ورجاله لما يحبه ويرضاه.
لم تكون هذه البداية عزيزي القارئ فقد سبقها فتح الطائف أورد في سرد اليوم خطاب جلالة الملك المعظم للسفير حافظ وهبه ورفقته جاء نصه في مؤلف السفير (خمسون عاماً في جزيرة العرب) الصادر عن دار الآفاق العربية الطبعة الأولى عام 1421هـ - 2001م.
نص الخطاب:
(بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل الى جناب الإخوة الكرام، الشيخ حافظ وهبه، والدكتور محمود، ومحمد بك، وبشير، ومحمد العجاجي، المحترمين، سلمهم الله.
السلام عليكم ورحمة الله بركاته على الدوام، مع السؤال عن حالك. أحوالنا والحمد لله جميلة.
تقدّم لكم قبل هذا خطوط فيها ما لزم بوقته.
حالا وفد علينا بُشَراء الإخوان أهل الغُطْغُط والبيارق معهم، يبشروننا بما مَنَّ الله به من عزهم وسلامتهم.
وتفصيل ذلك أنهم في هلال هذا الشهر، أصبحوا مصبحين كتائب الشريف وقُراه التي جهة الطائف، وحاصرها المسلمون يومهم وليلتهم، وفي صبيحة اليوم الثاني استولوا عليها جميعاً، بعضها عَنوة، وبعضها أمنوهم على رقابهم، وهي قرى الأخَيِضر وعرفا والعُبيلة وجليل، وفض المسلمون فرقها وقصورها وغنموا ما بها من أسلحة وذخيرة وبعدها مَشَوا الى بلاد فتن ورتبها، ووجدوا الشريف شَرَفاً مرتبا عدده ومدافعه بالحوية وشُوَيحط، وحاصره المسلمون بقية يومهم، الى أن فرقهم الليل عنه.
وفي صبيحة اليوم الثاني تجهز المسلمون إليه، فوجدوه منهزماً وتاركاً وراءه جميع ما كان معه من مدافع وعدد وأسلحة وذخائر. وقد غنم المسلمون ذلك وما قبله في القرى والفرق، التي بلغت عدتها اثنتي عشر فرقة لم يتركوا شيئاً إلا من سبق له أمان على شيء ماله فجميع من آمن على شيء لم يُغَيًر عليه فيه، وكل من أحب العافية، ولم يبدُر منه مقاومة، لم يتعرض له بأدنى ضرر. وأما الغنائم والقتلى من الأعداء، فلا تحصى والمسلمون ولله الحمد والمنة سالمون لم يستشهد منهم سوى أحد عشر نفراً من الجميع ومشت الطروش والبيارق منورة لحصار الطائف الذي لم يكن بينهم وبينه سوى مسافة ساعتين، وقريباً إن شاء الله تأتينا بشائر استيلائهم عليه ولعلمنا بحرصكم على الأخبار، بادرنا وعجلنا لكم هذا على وجه الحقيقة، لتكونوا على معلومية منه.
هذا ما لزم تعريفه، ودمتم محروسين.
15 صفر سنة 1343)
انتهى الخطاب ولم تنتهي قصة فتح الطائف بعد والتي سنتعرف عليها في الخطاب الوارد لسعادة السفير من جلالة الملك المعظم طيب الله ثراه.
انتظروني وقصة الطائف قلب الود والورد.