عطرها ورد
الرحالة. د. زكيه آل زيد القرشي
السرد "7"
مدينتي الطائف لي برفقة سجلها الحافل بآثارها من الماضي الموغل وحضارتها الباسقة حكايات عدة وقصص عديدة لن تنتهي في أيام وقد تمتد بي من العمر ما لا أعلمه ، وآمل من الله أن يطيل عمري حتى أنهي الرحلة برفقة قلمي وكتب تيامنت وتياسرت حولي، وأقدامي التي تحدّر وتسنّد بين أزقتها من حي لآخر أبحث عن الحقائق وأنهل من قصصها الاجتماعية ويوميات قدامى أهلها وأنا أرتشف فنجان قهوتي التي يعدها لي عمر بإتقان بعد استقبال الدكتور أحمد بن محفوظ لي صاحب القلب النقي والوجه المبتسم دائماً، أثناء تبادل الأحاديث الجميلة عن ماضينا على ألسنة كبارها ومنهم السيد محمد بن محفوظ، والسيد عبدالله وفا، والسيد طلال بن محفوظ، والإعلامي القدير زيد الغريبي، والسيد خالد حدايدي، وغيرهم من أهل الطائف الذين التقيتهم واستمتعت ولا زلت أعيش تلك المتعة بين فينة وأخرى في الاستماع اليهم وهم يتجاذون أطراف الماضي عن الفرقنه وأطباق رمضان وشقاوة العيال وعاداتنا الراهية بالحب والتعاضد والتكافل والجيرة الطيبة، مذيلة بأطراف الحاضر فتكتمل قصص لم تبدأ بعد.
سوف أسرد بعض تلك القصص عن الحياة الاجتماعية في تأرخة الطائف يوما ما.
وفي لحظتي يعود قلمي الى سيدي مؤسس كيان وطني جلالة الملك عبد العزيز طيب الله ثراه
وقصة الانتهاء من فتح الطائف كما ورد في كتاب خمسون عاماً في جزيرة العرب لسعادة السفير حافظ وهبة.
ومن جلالة الملك للمؤلف وصحبه ورد الخطاب والذي جاء في نصه:
من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل، الى جناب الاخوان الكرام: الشيخ حافظ وهبه واخوانه المحترمين، سلمهم الله تعالى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام، مع السؤال عن أحوالكم، أحوالنا الحمد لله جميلة.
بعد ذلك قبل هذا، عرفناكم بما منّ الله به من عز المسلمين، واستيلائهم على كتائب الشريف وقراه، التي دون الطائف، وذكرنا لكم ممشاهم لحصار الطائف، وحالاً ورد علينا بشراؤهم، يبشروننا باستيلائهم على الطائف، فله تعالى الحمد والمنة على دوام نعمه ونصر دينه، واعلاء كلمته.
وتفصيل ذلك أنهم وصلوها نهار الخميس، رابع شهرنا الجاري، وكانت فرسان المسلمين وطلائعهم متقدمة قدام البيارق، وفي طريقهم وافقوا سرية للأعداء انكشفت لهم، فأحاطت الخيل بها، وقتلتها عن آخرها، واستمروا في سيرهم حتى وصلت البيارق وأحاطت بالبلد من كل جانب، وقبضوا المُلازم والمُرامى، وحاصروها من كل جانب ولما كان الليل، زحف عليها المسلمون، حتى لزموا أطراف جدرانها، ودامت محاصرتهم لها الى عصر النهار الثاني، أي يوم الجمعة فلما صار العصر حمل المسلمون عليهم حملة صادقة ودخلوا البلد، وصاروا يقتلون كل من اعترضهم بقتال، حتى لزموا مواقع الأعداء وقصورهم وحصونهم، ولم ينج من جندهم وعسكرهم أحد سوى ولد الحسين علي، الذي كان وصوله للطائف قبل حصارها بيومين، ومعه خمس مئة ذَلول، ومئة خَيّال، وجملة ذخائر مرسلها الحسين مَدَدا عضدا لمن بها، وقد أذل الله الجميع، وجعل قدومهم لمصارعهم، ولم ينج منهم سوى المذكور(علي) والشريف (شَرَف) فقد خرجوا من وقتهم على ظهور خيلهم، قبل أن يعلم المسلمون بهم، وكان دخول المسلمين للطائف في آخر النهار، وأول ليل, فرتبوا كتائب في جميع حصونها وقصورها وأبوابها وطرقها، وصاروا يدورون في جهاتها، وكل من وجدوا من جند الأعداء قتلوه، حتى اتضح نهارُ يوم السبت، ونادى منادي المسلمين: من أراد السلامة والإسلام، فليقبل ويلق سلاحه، فأقبل الأهالي، وظهروا من أماكنهم، وكل منهم حامل ما عنده من قوة وسلاح، وهم يدعون الله ويحمدونه على ذهاب الظلم والظًلَمة، وقد تم استيلاء المسلمين على البلد، وعلى جميع ما فيها من الحصون والقصور والأسلحة النارية، خمسة مدافع، وخمس آلات عظيمة من أحدث طراز.
وعند ضحى يوم السبت أتت طيارة، مرسلها الخبيث ((الحسين)) من جدة، فلما قربت من المسلمين، وتوسطت من فوقهم هتفوا بها من كل جانب، فقاد الله سهامهم عليها وأصابتها، ورماها الله وطرحهم، فوجدوا بها إثنين من عسكره، قتلوهما لوقتهما.
ووجدوا بها جملة مفرقعات ومبلغا عظيما من الذهب، لا نعلم ما قصدهم بحمله معهم. وبعد أن اطمأن المسلمون. وطهروا البلد من عسكر الأعداء، وأمنوا الأهالي وطمًنوهم، رتبوا أناسا منهم لجمع الغنائم وإحصائها، واقتضى نظر الإخوان والمشايخ تنصيب خالد بن منصور في البلد للنظر في أحوالها، واستقبال وفود القبائل من الأشراف وغيرهم، الذين يطلبون الأمان، والدخول في حوزة الإسلام والمسلمين، والاستيلاء على ما عندهم من قوة وأسلحة وأموال للحسين، والجميع منقادون حق الانقياد ولم يبق أحد من القبائل إلا ركب وقدم السمع والطاعة، والخضوع للأمر، حتى إن الأشراف وغيرهم من القبائل التي في مكة جاءت مراكيبهم يطلبون الأمان ويقدمون السمع والطاعة.
أما الحسين فقد توجه إلى جدة وغالب أهالي مكة أخلوها، والباقون بها مرجَف بهم.
هذا تفصيل ما وقع شرحناه لكم، لعلمنا بحرصكم وشفقتكم على ذلك.
أما المسلمون فسالمون بحمد الله، لم يستشهد منهم سوى سبعة عشر نفرا من الجميع، كلهم من عامة الناس، ما فيهم المسمًى غير هُويل بن جبرين، وتَوًاب الدحاوى، رحم الله الجميع برحمته الواسعة.
هذا ما لزم تعريفه، ودمتم محروسين.
22 صفر سنة 1343
وهذه إحدى قصص فتح الطائف سردت حسب ما ورد في خطاب جلالة المؤسس رحمه الله تعالى.
عشتها وتعيشونها عبر سردي اليوم وكأننا نشاهد هذا السيناريو على أرض مدينة الطائف
وما زلت أتجول بين الكتب ورجالات الطائف الملمين بالتاريخ كي أنقل لكم في سطور
قصة مدينتي الطائف قلب الود والورد
"يتبع"
مدينتي الطائف لي برفقة سجلها الحافل بآثارها من الماضي الموغل وحضارتها الباسقة حكايات عدة وقصص عديدة لن تنتهي في أيام وقد تمتد بي من العمر ما لا أعلمه ، وآمل من الله أن يطيل عمري حتى أنهي الرحلة برفقة قلمي وكتب تيامنت وتياسرت حولي، وأقدامي التي تحدّر وتسنّد بين أزقتها من حي لآخر أبحث عن الحقائق وأنهل من قصصها الاجتماعية ويوميات قدامى أهلها وأنا أرتشف فنجان قهوتي التي يعدها لي عمر بإتقان بعد استقبال الدكتور أحمد بن محفوظ لي صاحب القلب النقي والوجه المبتسم دائماً، أثناء تبادل الأحاديث الجميلة عن ماضينا على ألسنة كبارها ومنهم السيد محمد بن محفوظ، والسيد عبدالله وفا، والسيد طلال بن محفوظ، والإعلامي القدير زيد الغريبي، والسيد خالد حدايدي، وغيرهم من أهل الطائف الذين التقيتهم واستمتعت ولا زلت أعيش تلك المتعة بين فينة وأخرى في الاستماع اليهم وهم يتجاذون أطراف الماضي عن الفرقنه وأطباق رمضان وشقاوة العيال وعاداتنا الراهية بالحب والتعاضد والتكافل والجيرة الطيبة، مذيلة بأطراف الحاضر فتكتمل قصص لم تبدأ بعد.
سوف أسرد بعض تلك القصص عن الحياة الاجتماعية في تأرخة الطائف يوما ما.
وفي لحظتي يعود قلمي الى سيدي مؤسس كيان وطني جلالة الملك عبد العزيز طيب الله ثراه
وقصة الانتهاء من فتح الطائف كما ورد في كتاب خمسون عاماً في جزيرة العرب لسعادة السفير حافظ وهبة.
ومن جلالة الملك للمؤلف وصحبه ورد الخطاب والذي جاء في نصه:
من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل، الى جناب الاخوان الكرام: الشيخ حافظ وهبه واخوانه المحترمين، سلمهم الله تعالى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام، مع السؤال عن أحوالكم، أحوالنا الحمد لله جميلة.
بعد ذلك قبل هذا، عرفناكم بما منّ الله به من عز المسلمين، واستيلائهم على كتائب الشريف وقراه، التي دون الطائف، وذكرنا لكم ممشاهم لحصار الطائف، وحالاً ورد علينا بشراؤهم، يبشروننا باستيلائهم على الطائف، فله تعالى الحمد والمنة على دوام نعمه ونصر دينه، واعلاء كلمته.
وتفصيل ذلك أنهم وصلوها نهار الخميس، رابع شهرنا الجاري، وكانت فرسان المسلمين وطلائعهم متقدمة قدام البيارق، وفي طريقهم وافقوا سرية للأعداء انكشفت لهم، فأحاطت الخيل بها، وقتلتها عن آخرها، واستمروا في سيرهم حتى وصلت البيارق وأحاطت بالبلد من كل جانب، وقبضوا المُلازم والمُرامى، وحاصروها من كل جانب ولما كان الليل، زحف عليها المسلمون، حتى لزموا أطراف جدرانها، ودامت محاصرتهم لها الى عصر النهار الثاني، أي يوم الجمعة فلما صار العصر حمل المسلمون عليهم حملة صادقة ودخلوا البلد، وصاروا يقتلون كل من اعترضهم بقتال، حتى لزموا مواقع الأعداء وقصورهم وحصونهم، ولم ينج من جندهم وعسكرهم أحد سوى ولد الحسين علي، الذي كان وصوله للطائف قبل حصارها بيومين، ومعه خمس مئة ذَلول، ومئة خَيّال، وجملة ذخائر مرسلها الحسين مَدَدا عضدا لمن بها، وقد أذل الله الجميع، وجعل قدومهم لمصارعهم، ولم ينج منهم سوى المذكور(علي) والشريف (شَرَف) فقد خرجوا من وقتهم على ظهور خيلهم، قبل أن يعلم المسلمون بهم، وكان دخول المسلمين للطائف في آخر النهار، وأول ليل, فرتبوا كتائب في جميع حصونها وقصورها وأبوابها وطرقها، وصاروا يدورون في جهاتها، وكل من وجدوا من جند الأعداء قتلوه، حتى اتضح نهارُ يوم السبت، ونادى منادي المسلمين: من أراد السلامة والإسلام، فليقبل ويلق سلاحه، فأقبل الأهالي، وظهروا من أماكنهم، وكل منهم حامل ما عنده من قوة وسلاح، وهم يدعون الله ويحمدونه على ذهاب الظلم والظًلَمة، وقد تم استيلاء المسلمين على البلد، وعلى جميع ما فيها من الحصون والقصور والأسلحة النارية، خمسة مدافع، وخمس آلات عظيمة من أحدث طراز.
وعند ضحى يوم السبت أتت طيارة، مرسلها الخبيث ((الحسين)) من جدة، فلما قربت من المسلمين، وتوسطت من فوقهم هتفوا بها من كل جانب، فقاد الله سهامهم عليها وأصابتها، ورماها الله وطرحهم، فوجدوا بها إثنين من عسكره، قتلوهما لوقتهما.
ووجدوا بها جملة مفرقعات ومبلغا عظيما من الذهب، لا نعلم ما قصدهم بحمله معهم. وبعد أن اطمأن المسلمون. وطهروا البلد من عسكر الأعداء، وأمنوا الأهالي وطمًنوهم، رتبوا أناسا منهم لجمع الغنائم وإحصائها، واقتضى نظر الإخوان والمشايخ تنصيب خالد بن منصور في البلد للنظر في أحوالها، واستقبال وفود القبائل من الأشراف وغيرهم، الذين يطلبون الأمان، والدخول في حوزة الإسلام والمسلمين، والاستيلاء على ما عندهم من قوة وأسلحة وأموال للحسين، والجميع منقادون حق الانقياد ولم يبق أحد من القبائل إلا ركب وقدم السمع والطاعة، والخضوع للأمر، حتى إن الأشراف وغيرهم من القبائل التي في مكة جاءت مراكيبهم يطلبون الأمان ويقدمون السمع والطاعة.
أما الحسين فقد توجه إلى جدة وغالب أهالي مكة أخلوها، والباقون بها مرجَف بهم.
هذا تفصيل ما وقع شرحناه لكم، لعلمنا بحرصكم وشفقتكم على ذلك.
أما المسلمون فسالمون بحمد الله، لم يستشهد منهم سوى سبعة عشر نفرا من الجميع، كلهم من عامة الناس، ما فيهم المسمًى غير هُويل بن جبرين، وتَوًاب الدحاوى، رحم الله الجميع برحمته الواسعة.
هذا ما لزم تعريفه، ودمتم محروسين.
22 صفر سنة 1343
وهذه إحدى قصص فتح الطائف سردت حسب ما ورد في خطاب جلالة المؤسس رحمه الله تعالى.
عشتها وتعيشونها عبر سردي اليوم وكأننا نشاهد هذا السيناريو على أرض مدينة الطائف
وما زلت أتجول بين الكتب ورجالات الطائف الملمين بالتاريخ كي أنقل لكم في سطور
قصة مدينتي الطائف قلب الود والورد
"يتبع"