عطرها ورد
الرحالة. زكيه آل زيد القرشي
"السرد 9"
"السرد 9"
قبل البدء.
سألني أحد الأصدقاء: كيف انتقلتِ من المقال الساخر الى الكتابة عن التاريخ والآثار والتراث الوطني؟
وأجبت: إن هذا السرد هو أحد أقسام موسوعتي السياحية رحالة في بلادي التي تعددت أقسامها، ولست مودعة للمقال الساخر ولكن منحته إجازة يقضيها في صومعة ذاكرتي حتى يستقر حرفي عبر طرقات رحلتي الطويلة، ويأذن لي الشريك بالعودة.
فرادفني بسؤاله التالي والذي يخفي بين طيات حرفه ما خفي.
الا تجدين سردك مملاً؟ من ذا الذي يقرأ عن التاريخ وقصص الرحالة والمؤرخين وماضِ لم يعد ذات أهمية؟
فأجبت: -
إن كنت يا صديقي من جيل السناب والتيك توك فهذا لا يعني أن الجميع مثلك يرقص على نغمات النكات والفكاهة والمعلومة السريعة التي لا تغني ولا تسمن. هذا أولاً.
ثانياً: الأغلب من جيل اليوم لا يقرأ الكتب الورقية ويكتفي بزاوية يمّر بها مرور الكرام، ويحتاج أثناء ذلك الى تنظيف سمعه وبصره من رقصة الهوب هوب، وشنطة خفيفة وسكة قصيرة.
أما ثالثاً يا صديقي الغالي على قلب كلماتي.. جيل اليوم يسعى خلف المعرفة ويبحث سواء رغبة في اثراء بحثه العلمي أو حباً لتاريخ لم يعرف عنه سوآ النذر.
وعندما تقرأ سطوري لا تعاتب كلماتي المتناقضة من وجهة نظرك فقد تحدثت عن البعض والبعض الآخر.
دعك يا صديقي من التيك والكيت كات وتابع زاويتي كما تفعل كل أسبوع وإلا هجرتك وشكوتك الى قلمي ومحبرتي.
وبناء على رغبتك بمعرفة آثار الطائف سوف نتجول معاً بين صفحات كتاب ما رأيت وما سمعت لـ خير الدين الزركلي الذي قدمه في عام 1398هـ
الملازم عبد الرزاق محمد سعيد حسن كمال عضو نوادي جدة والطائف الأدبية.
يتحدث الزركلي في كتابه عن آثار الطائف " مساجده، المقابر والأنصاب، الخطوط القديمة في جباله، الأصنام" قائلاً:
الطائف قليل الآثار القديمة لكثرة ما طرأ عليه من نوازل الحروب والسيول، وإني لذاكر ما رأيته تاركاً الزيادة عليه لمن يتوسع في بحثه عنه ويكون له من الوقت والوسائط والمعرفة بأنواع الخطوط القديمة كالكوفية والمسمارية والمسند ما يكفي للتبع كل آثر قديم فيه. أما الشاخص اليوم من آثاره فينحصر في ثلاث مواضع: المساجد، والمقابر، والجبال.
وعندما تحدث الزركلي عن مشاهد بعض من تلك المواضع وصف مساجدها بأنها قديمة البناء: وهي في شكلها وحجارتها وهندسة بنائها جديرة في أن تؤخذ رسومها، إلا أنه لم يكن معه آلة تصوير يصورها به، ولم يكن في الطائف رسام ماهر آنذاك فاكتفى بالوصف قائلاً:
- المسجد العباسي: وهو مسجد الحبر ابن العباس وله الشأن الأكبر في مساجد الطائف ومزاراته وقد دفن فيه جماعة (سيأتي الكلام على بعضهم في ذكر أشهر المدفونين في الطائف) وهو متسع مستطيل ينسب الى ابن عباس لأنه مدفون فيه.
وقد كان ومازال موضع عناية زائريه، كل ما تخرب منه جانب عمر. قال العجيمي: ومن جملة من كانت لهم يد في عمارته الملك المظفر يوسف بن عمر بن علي ابن رسول، صاحب اليمن سنة 675هـ والمستضئ بأمر الله العباسي سنة 592هـ وأمير الحاج المصري رضوان بك سنة 1047هـ والشريف زيد بن محسن بن الحسن بن الحسين ابن أبي نمى سلطان مكة(كذا) جدد عمارته سنة 1061هـ قال: وقد زادت القبور في المسجد العباسي وكثرت حتى امتلأ نصف صحنه بها، ولولا نهى الشريف زيد بن محسن عن الدفن فيه لتواصل وصار جميعه مقبرة.
وكانت صلاة الجمعة تقام في مسجد الجمعة في "السلامة" حتى اتفق في أيام الشريف أن كثر القادمون على الطائف فأمر، بإقامة الصلاة في المسجد العباسي وذلك في يوم 3 جمادى الأولى سنة 1054هـ، ثم قال: وكانوا لا يقيمون الجمعة فيه لاعتباره مقبرة لا مسجداً.
وجاء في كتاب أشراف مكة وأمرائها إن والي الشام محمد باشا العظم عهد إلى الشيخ محمد العنتبلي سنة 1193هـ بأن يزيد في مسجد الحبر، فزاد فيه 32ذراعاً طولاً ومثلها عرضاً. وكان ذلك في أيام إمارة الشريف سرور بن الشريف مساعد بن الشريف سعيد فلما اطلع على هذه الزيادة جدد في المسجد عقدين في العام نفسه.
قال صاحب هذا الكتاب: وفي 28 رجب سنة 1193هـ توجه الشريف سرور بأهله الى الطائف من مكة ونزل في قرية السلامة.
وفي نصف شعبان أخرج له الهلال القديم الذي كان على قبة الحبر منذ بنيت هذه القبة على يد المستنجد بالله يوسف العباسي سنة 555هـ وكان الهلال صفراً مموهاً بالذهب، فوضع الشريف سرور بدلا منه هلالا أبدع في صنعته، زنته 600 أوقية من الفضة النقية ثم سوده الندى فأمر بتمويهه بالذهب، وبعد زمن غير طويل أخرجه ووضع آخر أكبر منه يقارب وزنه قنطاراً وموهه بالنضار سنة 1196هـ.
هنا يقف سردي على أعتاب المسجد العباسي وتغلق الأبواب لنرحل بالقلم مع الزركلي الى المسجد العداسي.
هل تعلمون أين يقع وماهي قصته؟
انتظروني في حي المثناة في طائف الود والورد.
يتبع