عطرها ورد
الرحالة. زكيه آل زيد القرشي
السرد"16"
السرد"16"
الصحفي صانع الصحافة هو رجل التاريخ الذي يشكل تاريخ أمته بقوة الدفع والوثب الذهني عندما يقفز بخواطره إلى مساحة خريطة الواقع والمعايشة الحياتية من أجل صنع الأحداث الجارية ، لأن الصحفي الواعي المدرك يمثل العقلية الواعية عقلية الحاكم والقاضي والواعظ مع امتلاك الشجاعة السليمة والاستعداد للعمل يصرخ صرخة الحق بفكر متحرك وتطلعات مستقبلية وخيال خصب منتج وتحريك المجتمع الى الخير والعمل على هدم الشر بمداد نوراني من سلاحه الابداع مستهدفاً تطوير ورفع عائم نهضة أمته بشيء من الاستمرارية ذات الفاعلية المتصلة بالعمل المخلص.
هذه المقدمة الخلابة كأجواء مدينتي من كتاب الأستاذ مناحي القثامي (تاريخ الطائف قديماً وحديثاً).
ومما لا شك فيه أن الكلمة المقروءة أو المسموعة وحتى المرئية إذا ما كانت بفكر ولسان إعلامي حتماً سيكون لها تأثيرها على ما حولها سواء كان ذلك التأثير سلباً أو إيجاباً.
وعلى أرض مدينة الورد ولد للإعلام رجالاً ونساء تفخر بهم وبإنجازاتهم كما تزهو بوردها وبساتينها وطيبة أهلها الكرام.
لو تحدثت عن كل شخص منهم أحتاج الى عدة أشهر كي أكتب ما يليق بهم ولن أفيهم مثقال ذرة مما أنجزوا وينجزون ولعلني أكتفي بشرف تدوين الأسماء فقط ومرجعي فيها الإعلامي القدير زيد الغريبي والذي تكرم بتلبية طلبي في رسالة أنيقة قال فيها:
الطائف ... تزخر بنخبة من خبرة الإعلام منهم:
عبد الله بن جار الله المالكي... كاتب ومؤرخ، عادل عصام الدين، الدكتور عثمان الصيني، مشعل السديري كاتب بصحيفة الشرق الأوسط، خالد دراج، زيد الغريبي، الدكتور عدنان المهنا، عدنان جستنية، فريد مخلص، مشعل الثبيتي... مدير عام إذاعة جدة، عبد الله العمري السفياني، حماد السالمي.. باحث ومؤرخ وكاتب، عاصم عصام الدين، يحي اليامي
هؤلاء المخضرمون ... ولا زالوا في عطائهم ومن المؤثرين إعلامياً...
خبراتهم الإعلامية تجاوزت الـ 30 عاماً ربما البعض سيرتهم تقرأها عن طريق حسابتهم في توتير.
وقد رصد الأستاذ مناحي في كتابه (تاريخ الطائف) الصادر في عام 1400هـ حسب مقدمته، بعض الأسماء الإعلامية التي نشأت وظهرت إعلامياً من الطائف ومنها من توفاهم الله وتغشاهم رحمته ومنهم مازال عطائهم مستمر حتى اليوم وقد تكون وظائفهم تبدلت بأخرى ومنهم من تقاعد وهم:
سليمان القاضي، والأديب الكبير عبدالله بن خميس، والأستاذ محمد خلف الله الزايدي، والدكتور عبدالله العبادي، راشد الحمدان، عبدالله الحصين مدير عام البعثات بوزارة التعليم العالي سابقاً، سليمان البطاح، علي العبادي رئيس النادي الأدبي سابقاً، محمد طلعت، عبدالرحمن الحمدان، حمد الزيد، والدكتور إبراهيم الزيد، والكاتب الرياضي علي الرابغي، محمد العميري من كبار موظفي وزارة الزراعة وعمل في صحيفة الندوة، علي خضران القرني مدير الشئون الإدارية بتعليم البنات بالطائف عمل في المدينة والندوة ومجلة المنهل، ومرجعي في هذه القائمة الشامخة الأستاذ مناحي القثامي وعمل في الندوة والمدينة والبلاد واليمامة وقريش والرياض واليوم ومجلة المنهل، ومحي الدين ياسين في قريش، والكاتب القصصي محمد الشقحاء وكتب في عدة صحف محليه،وعبدالله سعيد جمعان، وسعد الحميدين مدير تحرير جريدة الرياض وعمل في المدينة والرياض ومجلة اليمامة، والدكتور فهد العربي الحارثي المشرف على تحير مجلة اليمامة وعمل في الندوة والرياض وأستقر في مجلة اليمامة، وسليمان الزائدي مدير التعليم بمنطقة ينبع عمل بين الندوة وعكاظ، والدكتور يحي ساعاتي عمل لعدة صحف في بداية حياته، وعبدالله بن ثلاب السبيعي ، والدكتور حمد المرزوقي.
سوف أتوقف عند الجيل الأول الموثق في تاريخ الطائف وفي السرد القادم سوف أكمل معكم الجيل الصحفي الثاني والذي انطلق في بداية التسعينات.
(لن أشيد بأقلام الطائف التي سبق ذكرها فأنا أقل بكثير من الكتابة عن عمالقة الاعلام وعظماء العطاء ولكن دونت الجزء الأول منها ليعلم من لا يعلم عن الطائف أنها أرض ولاّدة للعلم والأدب والثقافة وكثير مما يعجز حرفي المسن عن وصفه).
نتجول الآن حول سور الطائف الذي كان يحيط بها قديما ويلتف حول حي فوق وحي أسفل وحي السليمانية الذي أزيل قبل عدة سنوات وكان للسور ثلاثة أبواب هي" باب ابن عباس" وباب" شبرا" وباب " الريع" وكان هذا السور يحيط الطائف القديمة حتى مطلع الستينات الهجرية.
أجدني أقف عند أحد أبوابه لشعوري بالجوع سوف أعود للسور في حديث مقبل فإذا حضرت الأكلات الشعبية في الطائف تاه الحديث عن السور وأبوابه وقصص بين أزقة سكنت في أحضان سورها.
سامحك الله أستاذي مناحي غرقت في كتابك حتى سال لعاب قلمي وبات في حيرة ماذا يختار وعما يكتب ولكن المثل يقول (الجوع كافر) وبين رائحة السليق الطائفي والعصيدة وهي أكله شعبية اندثرت تقريباً في الطائف وهي تختلف عن عصيدة مناطق جنوب المملكة حيث تصنع من الدقيق وتحرك بواسطة عود مدبب يسمى "المسواط" وبعد نضجها يوضع عليها السمن البري والعسل الطائفي وهي أقل ليونة من عصيدة مناطق الجنوب. كما عرفت الطائف منذ أزمنة ببعض الأكلات المقتبسة من جاليات سكنت الطائف وأصبحت من أهله ومن هذه الأطعمة التي جاء بعضها من الأتراك والبعض الآخر من البخاريين ومنها (الندي) وهو حنيذ تخصص فيه سكان الطائف "والرز البخاري".
كذلك من الأكلات المشهورة " المعصوب" ويصنع من قطع عجين الدقيق بعد خبزه على النار توضع القطع في اناء ويحرك أو يهرس معه الموز أو السكر والسمن البلدي.
كذلك من مأكولات الطائف "السنبوسة والبف" وتصنع في الأفراح "والهريسة " وهي تعمل في شهر رمضان كما يصنع العيش " القرص" البلدي في المنازل وهو من الدقيق البلدي والقمح الحجازي أكثر ما يزرع في منطقة الطائف وبالذات في مزارع وادي القيم ويشتهر في مناطق الجزيرة العربية بجودته وحسن مذاقه.
وهذه الشهرة للقمح القيمي شهرة قديمة ما قبل التسعينات الهجرية والتي تلاشت بسبب الزحف العمراني.
هنا أقف بين دموعي وحسرتي على تلك المزارع والبساتين التي كنت أزورها مع والدتي وجدتي وأمرح بطفولتي بين أشجارها غبت عن الطائف من الأعوام 20 وعدت فوجدت الهدا والشفا التي كانت تكتسي بثوبها الأخضر وتغوص في أعماق الضباب قد أكتسح العمران مساحات كبيرة من مزارعها وبكت الأشجار على أطلال أرضها.
وبين الاعلام والطعام والختام بدموع الشجر وحسرة الأرض أتوقف وألقاكم أسبوعي المقبل في الطائف قلب الود والورد.