قصتي مع الكويت الديمقراطية!
منذ أن كنت في المرحلة الثانوية وأنا أغبط دولة الكويت الشقيقة وزادت غبطتي بعد المرحلة الجامعية، ففي المرحلة الثانوية بدأت أفهم كلمات كنت أسمعها ولا أفهم معانيها وإذا سألت أفراد العائلة الأكبر مني سناً استصغروني وأجابوا بكلمات لا أجد لها وصفاً إلا أنها تصاريف للصغار ولم أكن أعرف في ذلك الوقت لماذا هذه التصاريف ، ومن هذه الكلمات كلمة الديمقراطية ، والآن فهمت معنى الديمقراطية التي لم أجد لها تطبيق واقعي في دولنا العربية وفهمت لماذا كان الكبار يغيرون (يصرفون) معاني بعض الكلمات.
كبرتُ وأصبحت فتاة تحمل شهادة جامعية وناضجة بما يكفي لأن أضع أصبعي على الخريطة وأقول هذه دولة ديمقراطية ، ولكن القرار صعب فإصبعي المسكينة لا تريد أن تخون وتحكم على دولة معينة بأنها ديمقراطية ، فهي لم تجد أي دولة عربية تتمتع بالحد الأدنى لمواصفات الديمقراطية .
شاءت الأقدار أن أتشرف بزيارة دولة الكويت مع بعض أفراد العائلة لفترة وجيزة جداً لذا كان الجميع حريص على استغلال أغلب الوقت في التعرف على الكويت وما فيها من أسواق ومنتزهات ومعالم حتى المناطق الشعبية والتراثية ، وقد أصابني ذهول وانبهرت مما رأيت ما شاء الله وبدون إدراك كنت أقارن كل شيء في الكويت بما يقابله في السعودية ، ولا أريد أن أبالغ إذا قلت أن معظم ما رأيت في الكويت كان يتخطى ما في بلدي الحبيب مع وجود بعض الأمور التي ساءتني ولا أستطيع أن أخفيها مثل كثرة العمالة الوافدة وتبرج بعض النساء والاختلاط خصوصاً في الأسواق ، أما الأمور التي أذهلتني فلن أتمكن من تذكرها كلها ولو حرصت والتي أذكرها لن أستطيع سردها بين هذه السطور القليلة ، ولكن العجيب في هذه الزيارة أنني بعد سنين من الحرقة والغصة المؤلمة لعدم وجود الديمقراطية شعرت بأن أصبعي المسكينة بدأت ترتعش لوحدها وبدأ الدم يتدفق فيها بسرعة بعد أن كادت تجف عروقها ، أصبعي اتجهت للخريطة وأشارت إلى دولة الكويت على أنها دولة ديمقراطية!، نعم وأنا في الكويت أحسست أنني وجدت ضالتي وهي الدولة العربية الديمقراطية ففي الكويت تشاهد الحريات بأنواعها وترى الجميع يعبرون عن رأيهم بكل أريحية ، وبعد عودتي لبلدي الغالي عكفت على متابعة أخبار الكويت حتى أتأكد من كون الكويت ديمقراطية في الأقوال والأفعال ، وبالفعل يوجد في الكويت برلمان (يعمل) وبه نواب يختارهم الشعب ولهم كلمة مسموعة ويستطيعون استجواب رئيس الحكومة وغيره ممن علا شأنهم ! ولهم حرية مطلقة في التعبير عن رأيهم ولو على الصعيد الخارجي وبالمشاركة الفعلية أيضاً فهذا أحد النواب يذهب مع أسطول الحرية إلى فلسطين لفك الحصار ولا يخاف على منصبه ولا على سمعته (عميل إسلامي) ونواب يجتمعون في الطريق وفي قاعات لمناقشة المستجدات في الدول المجاورة رغبة في نصرتها ، ويقيّمون أداء الوزراء ورئيس الوزراء ، أيضاً نواب ومشايخ وغيرهم من عامة الشعب يدافعون عن عرض رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ولا يخافون في الله لومة لائم ، ومن طرائف الديمقراطية أن ناشطة كويتية تدعو إلى سن قانون لشراء الجواري ، كل هذه حقائق وليست أحلام والأمثلة على ديمقراطية الكويت كثيرة لا تخفى على لبيب صادق ، إذن هي كويت ديمقراطية فعلاً .
وقبل الرحيل من هذه الزيارة الخاطفة لحبيبتنا الكويت فإن الواجب الديني وحبي للكويت يحتم علي توجيه بعض الكلمات لعل الله أن ينفع بها ، فمن المعلوم بأن الأيام دول والدول أيام فلا تجعلوا يا أهل الكويت هذه الديمقراطية طريقاً لنهاية الكويت العريقة ، فقد بدأ الخونة الذين لا يخلو منهم أي بلد إسلامي منذ عهد الصحابة وحتى الآن وبموجب الديمقراطية وتحت غطاء الحرية الدينية (المذهبية) بدأ أفراد تسيرهم دولة سرطانية بالتعرض لأزواج وأصحاب الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ولم يحرص صناع القرار في الكويت على معاقبة الفاعل بما يقتضيه الفعل وردود الفعل الإسلامية الغاضبة ، وأثناء أزمة البحرين الداخلية تدخلت الدولة السرطانية وتدخل بعض رموز الخيانة الكويتية وقدموا الدعم المادي والإعلامي بل والبعض منهم ضغط على الجهات العليا حتى أوقفت إرسال درع الجزيرة الكويتي إلى البحرين وتدخلوا حتى في سوريا خوفاً من سقوط الديكتاتورية السورية ، أما في البرلمان الكويتي وعند مناقشة أوضاع أبناء الكويت المسجونين في جوانتنامو حصل ما يحصل بين المراهقين في الشوارع من الشجار بالأيدي والعُقل ، والأدهى والأمر أن يلوح أحد النواب بعصاه ويقول سوف أربيهم بهذه العصا (قانون الغابة الديمقراطي) ، ولا أريد أن أضخم الموضوع فشعب الكويت يعرف أكثر مني بأن الديمقراطية تعتبر أحد عوامل البناء وداعم قوي لعوامل البناء الأخرى إلا أن هذه المشاهد الأخيرة قلبت الديمقراطية لتكون عامل هدم و رافد قوي لعوامل الهدم ، فهل الكويتيين يرضون بأن تكون نهايتهم على يد الديمقراطية أو أن تكون أول ديمقراطية عربية وآخرها في الكويت؟.
تحيتي لجميع الكويتيين حكومة وشعباً على ما وصلوا إليه من تقدم على مستوى حرية التعبير والمشاركة الشعبية (بدون خوف) وتحية خاصة لأعضاء مجلس الأمة بما فيه من حركات وأطياف لأنهم رمز لديمقراطية الكويت .
01/07/1432هـ
الكاتبة بدرية بدر
badreah.bader@hotmail.com
منذ أن كنت في المرحلة الثانوية وأنا أغبط دولة الكويت الشقيقة وزادت غبطتي بعد المرحلة الجامعية، ففي المرحلة الثانوية بدأت أفهم كلمات كنت أسمعها ولا أفهم معانيها وإذا سألت أفراد العائلة الأكبر مني سناً استصغروني وأجابوا بكلمات لا أجد لها وصفاً إلا أنها تصاريف للصغار ولم أكن أعرف في ذلك الوقت لماذا هذه التصاريف ، ومن هذه الكلمات كلمة الديمقراطية ، والآن فهمت معنى الديمقراطية التي لم أجد لها تطبيق واقعي في دولنا العربية وفهمت لماذا كان الكبار يغيرون (يصرفون) معاني بعض الكلمات.
كبرتُ وأصبحت فتاة تحمل شهادة جامعية وناضجة بما يكفي لأن أضع أصبعي على الخريطة وأقول هذه دولة ديمقراطية ، ولكن القرار صعب فإصبعي المسكينة لا تريد أن تخون وتحكم على دولة معينة بأنها ديمقراطية ، فهي لم تجد أي دولة عربية تتمتع بالحد الأدنى لمواصفات الديمقراطية .
شاءت الأقدار أن أتشرف بزيارة دولة الكويت مع بعض أفراد العائلة لفترة وجيزة جداً لذا كان الجميع حريص على استغلال أغلب الوقت في التعرف على الكويت وما فيها من أسواق ومنتزهات ومعالم حتى المناطق الشعبية والتراثية ، وقد أصابني ذهول وانبهرت مما رأيت ما شاء الله وبدون إدراك كنت أقارن كل شيء في الكويت بما يقابله في السعودية ، ولا أريد أن أبالغ إذا قلت أن معظم ما رأيت في الكويت كان يتخطى ما في بلدي الحبيب مع وجود بعض الأمور التي ساءتني ولا أستطيع أن أخفيها مثل كثرة العمالة الوافدة وتبرج بعض النساء والاختلاط خصوصاً في الأسواق ، أما الأمور التي أذهلتني فلن أتمكن من تذكرها كلها ولو حرصت والتي أذكرها لن أستطيع سردها بين هذه السطور القليلة ، ولكن العجيب في هذه الزيارة أنني بعد سنين من الحرقة والغصة المؤلمة لعدم وجود الديمقراطية شعرت بأن أصبعي المسكينة بدأت ترتعش لوحدها وبدأ الدم يتدفق فيها بسرعة بعد أن كادت تجف عروقها ، أصبعي اتجهت للخريطة وأشارت إلى دولة الكويت على أنها دولة ديمقراطية!، نعم وأنا في الكويت أحسست أنني وجدت ضالتي وهي الدولة العربية الديمقراطية ففي الكويت تشاهد الحريات بأنواعها وترى الجميع يعبرون عن رأيهم بكل أريحية ، وبعد عودتي لبلدي الغالي عكفت على متابعة أخبار الكويت حتى أتأكد من كون الكويت ديمقراطية في الأقوال والأفعال ، وبالفعل يوجد في الكويت برلمان (يعمل) وبه نواب يختارهم الشعب ولهم كلمة مسموعة ويستطيعون استجواب رئيس الحكومة وغيره ممن علا شأنهم ! ولهم حرية مطلقة في التعبير عن رأيهم ولو على الصعيد الخارجي وبالمشاركة الفعلية أيضاً فهذا أحد النواب يذهب مع أسطول الحرية إلى فلسطين لفك الحصار ولا يخاف على منصبه ولا على سمعته (عميل إسلامي) ونواب يجتمعون في الطريق وفي قاعات لمناقشة المستجدات في الدول المجاورة رغبة في نصرتها ، ويقيّمون أداء الوزراء ورئيس الوزراء ، أيضاً نواب ومشايخ وغيرهم من عامة الشعب يدافعون عن عرض رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ولا يخافون في الله لومة لائم ، ومن طرائف الديمقراطية أن ناشطة كويتية تدعو إلى سن قانون لشراء الجواري ، كل هذه حقائق وليست أحلام والأمثلة على ديمقراطية الكويت كثيرة لا تخفى على لبيب صادق ، إذن هي كويت ديمقراطية فعلاً .
وقبل الرحيل من هذه الزيارة الخاطفة لحبيبتنا الكويت فإن الواجب الديني وحبي للكويت يحتم علي توجيه بعض الكلمات لعل الله أن ينفع بها ، فمن المعلوم بأن الأيام دول والدول أيام فلا تجعلوا يا أهل الكويت هذه الديمقراطية طريقاً لنهاية الكويت العريقة ، فقد بدأ الخونة الذين لا يخلو منهم أي بلد إسلامي منذ عهد الصحابة وحتى الآن وبموجب الديمقراطية وتحت غطاء الحرية الدينية (المذهبية) بدأ أفراد تسيرهم دولة سرطانية بالتعرض لأزواج وأصحاب الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ولم يحرص صناع القرار في الكويت على معاقبة الفاعل بما يقتضيه الفعل وردود الفعل الإسلامية الغاضبة ، وأثناء أزمة البحرين الداخلية تدخلت الدولة السرطانية وتدخل بعض رموز الخيانة الكويتية وقدموا الدعم المادي والإعلامي بل والبعض منهم ضغط على الجهات العليا حتى أوقفت إرسال درع الجزيرة الكويتي إلى البحرين وتدخلوا حتى في سوريا خوفاً من سقوط الديكتاتورية السورية ، أما في البرلمان الكويتي وعند مناقشة أوضاع أبناء الكويت المسجونين في جوانتنامو حصل ما يحصل بين المراهقين في الشوارع من الشجار بالأيدي والعُقل ، والأدهى والأمر أن يلوح أحد النواب بعصاه ويقول سوف أربيهم بهذه العصا (قانون الغابة الديمقراطي) ، ولا أريد أن أضخم الموضوع فشعب الكويت يعرف أكثر مني بأن الديمقراطية تعتبر أحد عوامل البناء وداعم قوي لعوامل البناء الأخرى إلا أن هذه المشاهد الأخيرة قلبت الديمقراطية لتكون عامل هدم و رافد قوي لعوامل الهدم ، فهل الكويتيين يرضون بأن تكون نهايتهم على يد الديمقراطية أو أن تكون أول ديمقراطية عربية وآخرها في الكويت؟.
تحيتي لجميع الكويتيين حكومة وشعباً على ما وصلوا إليه من تقدم على مستوى حرية التعبير والمشاركة الشعبية (بدون خوف) وتحية خاصة لأعضاء مجلس الأمة بما فيه من حركات وأطياف لأنهم رمز لديمقراطية الكويت .
01/07/1432هـ
الكاتبة بدرية بدر
badreah.bader@hotmail.com