السيناريوهات المحتملة لتولي الإخوان المسلمين الحكم لمصر
وتأثيرها على النظام السياسي والإقتصاد المصري
وتأثيرها على النظام السياسي والإقتصاد المصري
عقب الإعلان من قبل الاخوان المسلمين عن تقديم مرشح رئيسا لمصر القادم، إنقلب العالم رأسا على عقب نتيجية التخوف من هذا القرار ونتائجة وعواقبة على مختلف الصعد الإقليمية والدولية، إلا أنه لم يتطرق أحدا الى السيناريوهات المحتملة والمتوقعة الناتجة عن هذا الإعلان بتقديم مرشح للرئاسة وفوزه في هذه الإنتخابات، نحاول في هذا السياق تسليط الضوء على الافتراضات والسيناريوهات المحتملة نتيجة لهذا الإعلان وآثارة على الدولة المصرية سياسيا واقتصاديا في ظل التحديات والتعقيدات للتركيبة السكانية والداخلية للمجتمع المصري والتي تمثل في عددها وأطيافها تحديا كبيرا للرئيس القادم، وكذلك نظرا للتشابكات والتعقيدات للعلاقات الدولية للدولة المصرية مع دول العالم والإقليم والتي قادت تاريخيا الأمة العربية وعملت على التوازن الإقليمي في المنطقة إضافة إلى إتفاقية السلام مع إسرائيل، إضافة الى التحدي الهام وهو تردي الوضع الإقتصادي للدولة حيث يعاني إقتصادها ترهل نتيجة ضعف التنمية على مدى العقود السابقة، نتيجة لهذه التحديات الكبيرة سنعمل على تحليل الموقف من خلال وضع افتراضات عديدة، سنتوقع من خلالها السيناريوهات التي ستكون عليها مصر مستقبلا، على النحو التالي:
الإفتراض الأول: نفترض فيه عدم نجاح مرشح الإخوان المسلمين لرئاسة مصر.
الإفتراض الثاني: انه تكتيك للوصول الى مرشح توافقي مع مختلف القوى السياسية والمجلس العسكري.
الإفتراض الثالث: إفتراض تفتيت الأصوات لعدم وصول مرشحين معينين للرئاسة.
الإفتراض الرابع: وهو نجاح مرشح الإخوان ووصولة للرئاسة وما أثر ذلك سياسيا واقتصاديا على مختلف الصعد مع الدول العربية والعالمية وهو الإفتراض الذي سنضع في ضوئة السيناريوهات الثلاث المتوقع في حال نجاح مرشح الإخوان المسلمين.
السيناريو الأول: سيناريو التأثير الثانوي على مستقبل العلاقات الداخلية والعربية والدولية.
وهذا السيناريو يفترض عدم وجود إختلافات عميقة مع القوى السياسية الفاعلة في المجتمع المصري بإستثناء بعض المناوشات السياسية مع بعض القوى اللبرالية المصرية في البداية، ومحاولة إحتوائها في اسرع وقت من خلال دمج القوى السياسية المختلفة في تحالفات سياسية مع الحزب السياسي للجماعة "الحرية والعدالة" وإغرائهم ببعض المواقع في الحكومة من وزراء ووكلاء وزارة والهيئات السياسية والإقتصادية واللجان في مختلف مؤسسات الدولة ودمجهم في العمل السياسي والمشاركة في اتخاذ القرارات السياسية والبرامج السياسية والتعاملات الدولية والإقتصادية للنهوض بمستقبل الدولة التي تعاني إقتصاديا ويكون للمجلس العسكري هنا هو دور المراقب للاحداث التي ستنجم عنه الأحداث السياسية والإقتصادية وسيعمل على التوفيق بين مختلف القوى السياسية في الدولة، وهنا لن يكون هناك أي تأثير سلبي على النظام السياسي والإقتصاد المصري بإستثناء التخوف من قبل المستثمريين في بداية الحكم سرعان ما يتدارك الحزب الأمر في خلق الثقة من قبل الحكومة والرئاسة، من خلال عمل الرئاسة والحكومة والبرلمان معا وبجهد كبير على التنمية والإقتصادية وتحسين المستوى الإقتصادي للدولة والنهوض بها إقتصاديا وشعبيا، وبالتالي يعتبر نجاحا لهم نتيجة تقبل العالم لهم ولعملهم السياسي والإقتصادي وبالتالي لن يكون هناك أية آثار سلبية على النواحي الإستراتيجية للدولة سواء النواحي السياسية والإقتصادية والعسكرية والأمنية.
السناريو الثاني: على المدى المتوسط
في هذا السيناريو ما سيلية يكمن في القوة والفترة الزمنية، حيث من المحتمل أن يكون التاثير السلبي السياسي داخليا من القوى السياسية المصرية حيث من المتوقع أن يحدث بعض التحالفات السياسية الداخلية في البداية لفترة من ثلاث شهور الى سنة وسرعان ما تبدأ الإنسحابات واستقال الحكومات وتغييرها مما يؤثر على النظام السياسي والإقتصادي المصري نتيجة عدم وضوح الرؤية السياسية والإقتصادية للدولة وهذا سيعيق برامج التنمية الإقتصادية، ومن المحتمل أن تتعمق الأزمة في حال إنضمام دول العالم ذات التأثير الكبير مثل الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا والصين وروسيا الى المقاطعة السياسية والإقتصادية هنا يكمن سيناريو الخطر في منع برامج التنمية الإقتصادية والتدخلات السياسية، هنا من المتوقع أن يكون أثرها كبير على دول العالم نتيجة لجوء حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين الى دخول في تحالفات مع بعض الدول مثل ايران وتركيا وبعض الدول العربية التي تتعارض مصالحها مع الولايات المتحدة وأوربا والدول الكبرى، وستكون هذه التحالفات ضد رغبة دول العالم خاصة في حالة التلويح والتهديد في اعادة النظر في إتفاقية السلام مع اسرائيل، وهنا نتوقع بأن الوضع الاقتصادية لن يتغير بالنسبة للشارع والشعب المصري وسيبقى الوضع الاقتصادي على ما هو علية وبالتالي سيؤدي الى استياء الشعب والبدء ببعض التظاهرات في ميدان التحرير مرة اخرى، وسيتدخل المجلس العسكري المراقب للوضع السياسي والإقتصادي من خلال لجوئة الى حل البرلمان والدعوة إلى إنتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة وجديدة نتيجة عمق الأزمة السياسية والإقتصادية في الدولة، ومن المحتمل أن تتغير الخريطة السياسية نتيجة هذه الدعوة ويعود التوازن بين القوى السياسية المختلفة في الدولة بفقدان الاخوان للكثير من المؤيديين لهم نتيجة قرارهم بمسك زمام الامور بالدولة، الا أن هذا الوضع سيكون مكلف إقتصاديا بالنسبة للدولة المصرية على صعيد فقدان الثقة بالإقتصاد المصري نتيجة عمق الأزمة السياسية التي ستأخذ وقت طويل لإعادتها وإعادة ترتيب الوضع الإقتصادي للدولة من حيث عجلة الإنتاج وتدهور أسعار صرف الجنية المصري والإنخفاض الحاد في البورصة المصرية وزيادة البطالة نتيجة عدم خلق فرص عمل جديدة ومشروعات جديدة وتعطل السياحة.
السيناريو الثالث: سيناريو التأثير الكبير الكبير والقاسي:
وهذا السيناريو يعتبر اشكالية كبيرة للدولة المصرية، ومن المحتمل فيه أن فيه صراع كبير وقوي من قبل جماعة الإخوان المسلمين من جهة والقوى السياسية والمجلس العسكري من جهة أخرى، نتيجة السياسات المتبعة من قبل جماعة الإخوان داخليا وخارجيا، حيث من المحتمل عدم التعايش من قبل الأحزاب والقوى السياسية والمجلس العسكري مع جهة وجماعة الاخوان المسلمين من ناحية اخرى، حيث من المتوقع فيه عدم تقبل الأطراف لحكم الأخر، ولن يتم فيه أية تقدم لمصر في عملية التنمية الإقتصادية والسياسية أو التاثير الدولي، وهنا سيلجأ المجلس العسكري للتدخل بعد خروج مظاهرات ضد حكم الأخوان وبالتالي سيعمل على الإطاحة بهم ويقوم بمسك زمام الأمور ويتولى السلطة، وهذا سيناريو من أخطر السيناريوهات التي ستكلف الدولة المصرية الكثير على الصعيد الدم البشري والإقتصادي والسياسي، حيث ستلجأ الأطراف فيه الى الكثير العنف والقوة، وهو سيناريو يشبه سيناريو قطاع غزة، بعد إستنزاف طويل للإقتصاد المصري والنظام السياسي، وستفقد فيه الدولة المصرية الكثير من هيبتها نتيجة الفوضى التي ستعم الدولة، رغم محاولات التدخل من قبل دول العالم في إحتواء الموقف وتكون بالنهاية الخسارة لمصر وللعالم العربي، ومن المتوقع أن يكون تأثير هذا السيناريو كبير على مختلف النواحي الإقتصادية للدولة المصرية الإنتاجية والسياحية والبورصة وقطاع الغاز والنفط ...ألخ.
نخلص مما سبق الى نتيجة مفادها وهي إن لم يتم التعامل مع قرار الإخوان بتقديم مرشح للرئاسة فإنها ستكون مكلفة إقتصاديا وسياسيا وعسكريا وأمنيا ليس فقط على مصر وحدها وإنما على المنطقة العربية والدولية كاملة لذا من الضروري قيام جميع الأطراف السياسية والعسكرية المصرية إلى ضرورة النظر لمستقبل مصر والتي هي من أهم واكبر الدول العربية وضرورة العمل على الحفاظ على وحدتها واستقرارها لان استقرار مصر من استقرار الأمن القومي العربي، وضرورة تحكيم العقل والمنطق للحفاظ على مصر من الإنهيار، والوصول الى حل توافقي للنهوض بها بما يخدم الأمة العربية بعيدا عن الحزبية والطائفية المقيتة بغض النظر عن من يحكم الدولة ما يهمنا هو النهوض بمصر.
د. محمد كمال أبو عمشة