> هل نتذكر في كل صباح أن نحمد الله على نعمة الذرية، هي نعمة لا يعرف قيمتها إلا من ذاقها ثم حرم منها (حفظ الله أبنائنا جميعاً).
> نعم. نعمة عظيمة وأمانة كبيرة استودعها الله سبحانه وتعالى عندنا- محاسبين عليها- و واجبنا نحوها حسن التربية ورقي المعاملة.
> فلنحمد الله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه على هذه النعمة التي وهبنا إياها من واسع فضله وكرمه ..
>
> هل تأملنا أشكالهم وملامح وجوههم، يالجمالهم و براءتهم
> إنهم نسخ مصغرة منا وعنا ... أشكالهم ،ضحكاتهم ،ملابسهم ،حركات أجسادهم ،كلماتهم المتكررة ،مايحبون وما يبغضون. شئنا أو أبينا شاؤوا أم أبواو حتما نحن قدوتهم.
>
> كم مرة كرر طفلك كلمة أنت تنطقها مرارا؟
> كم مرة قلد حركة تقوم بها دائما؟
> كم مرة لعب في ملامح وجهه لتصبح مثل ملامحك؟
> كم مرة حاولت البنت تسريح شعرها مثل أمها أو ارتداء مثل ملابسها؟
> أو حاول الولد تقليد والده في المشي وطريقة الجلوس والصوت أحيانا..
> كم يعشق أطفالنا أن نقول لهم بأنهم يشبهوننا..
>
> هم نسخ مصغرة، حتى لو أن كل طفل فرد متميز بحد ذاته لكن في طفولته المبكرة هو مرآة لمن يربيه و يعتني به، فعلميا التقليد و المحاكاة هو ما يميز الطفولة المبكرة كمصدر للسلوك. و بإمكاننا أن نجعلهم نسخاً مصغرة محسنة مطورة وللأفضل دائما وذلك بمراقبة تصرفاتنا و انفعالاتنا أمامهم و معهم و محاولة التغيير للأفضل دائما.
> حتي اذا بدأوا في سن لاحقة بتكوين شخصياتهم المستقلة تماما، كانوا مشبعين بالإيجابيات و محاسن الأخلاق، فيتفرغوا لفعل الأفضل و الحرص على التقدم، و ليس استنزاف طاقاتهم في التخلص من العادات السيئة الشبه موروثة و الطباع المدمرة أولا، فيستهلك ذلك قواهم و قدراتهم و لا يكاد الواحد منهم يتفرغ للنظر في خصاله الإيجابية و تطويرها و استغلالها إلا لاحقا بعزيمة ضعيفة و نفس مهزوزة و قلب متردد، فالقدوة كانت عندهم واهية مشوشه أو متسلطة أو سلبية.
>
> و حتى نتجنب ذلك، علينا أن نعي أسس و قوانين التربية الرئيسية بالبحث و الإطلاع المستمر من مصادر موثوقة و شيقة.
> ومن أهم القوانين لفعل ذلك هو أن نحبهم إحساسا بمشاعرنا وعملا بتصرفاتنا. و نتفانى في تقديم عطف الأبوة وحنان الأمومة لهم فيصبح من السهل التسلل إلى نفوسهم و التحدث إليهم و نصحهم من غير رفض تام أو إعراض بل عن طريق القدوة السليمة الناضجة المتميزة ..
> فلا نبخل عليهم بقبلات وأحضان ومديح وتشجيع أوحتى مواساة ..
> كما لا نبخل بوقت القصة أوالمصارحة والاستماع لهم بدون أي مقاطعة أو إسداء نصائح، فقط نستمع لكلماتهم البريئة وأفكارهم الناشئة وإن كنا نراها تافهة أو مملة.
> هناك احتياجات بسيطة هم في أمس الحاجة لها ونغفل عنها، ثم نرى أثرها في تصرفات غير سوية أو مزعجة منهم ونتهمهم بسوء الأدب والبعد عن حسن التصرف و العناد. فعلينا أن نخصص نصف ساعة أو أكثر يوميا لنستمع لهم و ننصت فقط لا غير.
>
> فلنرحم أطفالنا و نأخذ لهم بعض العذر إذا كانت أخطاؤهم مستقاة من تصرفاتنا، سواء كان التقليد حباً منهم ليكونوا مثلنا أو كان لا شعورياً مترسباً في العقل الباطن لديهم. فإذا بدر من الطفل تصرف خاطئ علينا أولاً أن نلاحظ أنفسنا و البيئة المحيطة به، فإذا كان هناك من يقوم بنفس التصرف و الطفل ينسخه فالأولى توجيه الكبير و محاولة تغيير ذلك السلوك لديه، ثم شد انتباه الطفل بأن ذلك السلوك غير لائق و توجيهه للتصرف بالطريقة الصحيحة،أما إذا كان التصرف خاصاً بالطفل، فهنا نتوجه للطفل لتعديل سلوكه بأي طريقة إيجابية نختارها و نعتقد بأنها مناسبة.
>
> نعم التربية صعبة و لكن الأصعب أن نعدل سلوك و قيم الأكبر سنا من المراهقين و الشباب، ففي الصغر نغرس الإيجابية و في الكبر نعالج السلبية ثم نغرس الإيجابيه فالجهد مضاعف.
>
> اللهم لك الحمد على أطفالنا حمداً تنير به قلوبنا وتشرح به صدورنا وتضيء به عقولنا و تحسن به تصرفاتنا لنربيهم خير تربية ترضاها عنا وترزقنا برهم خير بر ترضاه عنهم و كل عام و نحن الى الله أقرب.
>
>بقلم / أ. هناء محمد صالح نمنكاني