لقد استبشر الوطن كله بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وزيراً للتربية والتعليم فهو ذو خبرات تراكمية ثرية في الشؤون التربوية منذ أن كان رئيساً لرعاية الشباب ، وهو أيضاً رئيساً لمجلس أمناء جامعة الفيصل ، بل لقد عمل خلال إمارته لمنطقة مكة المكرمة على استقطاب الشباب لمجلسه والاستماع لهم والتعرف على طموحاتهم وتشجيع إبداعاتهم . ولن تنسى ا لمنطقة ما قام به في مؤتمر الطائف : ( ماذا نريد من الشباب ؟ وماذا يريد الشباب منا ؟ ) عام 1433هـ ، والذي لعب فيه بحق دور التربوي الناجح في احتواء الشباب والتعرف على مطالبهم وأمنياتهم وكيفية توجيه طاقاتهم لخدمة الوطن ؛ فكسب بذلك صداقتهم وثقتهم وحبهم للوطن .
وها هو الآن وزيراً للتربية والتعليم يبدأ بأولويات جديرة بالتطبيق وهي
( إعلاء قيمة الانضباط والتمسك به عملاً وأداءً ) في إشارة واضحة للحد من غياب عناصر المدرسة الأساسية وهم : المدير والمعلم والطالب ، والالتزام بمواعيد الدوام خلال الأسابيع التي تسبق الاختبارات والتي تلي الإجازات الرسمية . والجميل في التوجيه أنه حدد عقوبات متدرجة رادعه للمدير والمعلم تصل إلى الفصل والإبعاد عن مزاولة المهنة والحرمان من الترشيح للمواقع القيادية .
والحقيقة التي لا غبار عليها هي أن غياب المعلم أو المعلمة هو الأكثر ضرراً على العملية التعليمية والتربوية حيث أن الغياب هنا يشكل عقبة في تحقيق الأهداف والغايات بل يساهم في خفض الإنتاجية وتدنى مستوى الطلاب والطالبات . وللأسف فإنه قبل ذلك يؤثر سلبياً على الجدول المدرسي وعدم انتظام الحصص وفوضى واضطراب في الفصول لعدم رغبة المعلمين والمعلمات الأخريات بدخول حصص الانتظار التي تزيد من أعباءهم .
ومشكلة الغياب هي من أخطر المشكلات التي تدل على غياب قيمة الأمانة لدى بعض من المعلمين والمعلمات -الكثيري الغياب فتراه يستنفذ جميع الإجازات الاضطرارية ثم يبدأ في آخذ المرضي من مستوصفات ومستشفيات خاصة وعميلة ( مشبوهة) .. بل يأخذ إجازات بدون عذر قد تصل الى أكثر من 60 (ستين يوماً) في العام . بل إن بعض من المعلمات يقمن بإجراء بعض العمليات مثل : عمليات التجميل أو تصحيح مسار أو شفط الدهون .... وغيرها .. أثناء الفصل الدراسي وتأخذ طبعاً اجازات مرضية وهي التي كان من الممكن تأجيلها الى الإجازات بدلاً من تعطيل الدراسة ...!! ولكن ذلك يدل على عدم تحمل المسؤولية وغياب الضمير وعدم الارتباط بالمهنة التي هي من أشرف المهن وأعظمها .
كما أن من مظاهر عدم الانضباط: التأخر في الدوام صباحاً أو الخروج
( للمعلمين ) أثناء الدوام لقضاء حوائجهم الخاصة وكذلك إضاعة الوقت بالأحاديث الجانبية مع الزملاء من المعلمين أو الزميلات من المعلمات في العمل والدخول في سجالات متنوعة , بل الدخول على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة من خلال الأجهزة الذكية والرد على رسائل وتبادل للنكت والاحاديث (chat).. و كل ذلك يعكس عدم الأمانة التي أشفقت منها السموات والأرض والجبال وأبين أن يحملنها وحملها الانسان ... !! والامانة ليست فقط: رد مال لأهله ، بل هي : إعطاء كافة الحقوق لأصحابها ووقت المدرس هو حق للطالب وإهداره يعني تضييع الأمانة التى تنعكس سلباً على حياة المعلم نفسه في عدم حصول البركة له في صحته وماله وعياله .
أما غياب الطالب - وخاصة في الاسابيع الأخيرة من الفصل الدراسي وكذلك الاسبوع الاول بعد العودة من الإجازة - فهذا تتحمله الأسرة فمع ما تحشده الإدارات التربوية والإشراقية من كوادر بشرية لمتابعة البداية الجادة ، الا أن الغياب بالعشرات في الفصول ... فالأسرة وأبناءها لا زالوا في أجازاتهم في الخارج , ثم يحضر الطالب ورقة عذر ملفقة من الوالد .. ولا ضير في ذلك !! والحقيقة أن لذلك تأثير تربوي خطير اذا يتعلم الطالب من هذه الممارسات عدم احترام المواعيد وعدم الانضباط السلوكي وكذلك عدم احترام القوانين والأنظمة والتعليمات بل تقوده الى اللجوء للكذب في التعامل مع الآخرين .
وأعتقد أنه لو تم فعلاً تم تطبيق العقوبات الرادعة على المعلم والطالب وكذلك خصم من درجات الأداء الوظيفي للمعلم وخصم من درجات الطالب في المواظبة وبدون مجاملة أو محسوبية - وخاصة في المدارس الأهلية التي تحابي طلابها وطالباتها بدرجة ملفتة طبعاً لكسب أكبر عدد ممكن من الزبائن - لحققنا بذلك قدراً كبيراً من الانضباط المدرسي الذي حتماً يقود الى الانضباط السلوكي الاجتماعي العام , وهذا ما أراده سمو وزير التربية والتعليم خالد الفيصل -حفظه الله - من قراره ... لتوجيه بوصلة التعليم نحو بناء الانسان الذي سيكون أساساً لبناء حضارة وتقدم هذا الكيان الكبير . نسال الله لنا جميعا التوفيق لما يحبه ويرضاه .
بقلم : فاتن ابراهيم محمد حسين