• ×
الإثنين 28 شعبان 1444 | 1444-06-23
د. عبدالله صادق دحلان

من يشكك في تقارير نزاهة ؟

د. عبدالله صادق دحلان

 0  0  6332
د. عبدالله صادق دحلان


في بلادنا يلجأ بعض المسئوولين في الأجهزة الحكومية والخاصة إلى الفرقعات الإعلامية عن أدائهم ونشاطهم لإقناع القيادات العليا أو المواطنين بنجاحهم في أداء واجباتهم وتحقيق الأهداف التي وضعت لها . وهي ظاهرة بدأت تبرز في السنوات الأخيرة ، وتُحرك هذه الظاهرة المكنة الإعلامية الإعلانية لصالح هؤلاء المسئولين ، وفي غياب الباحثين المتخصصين في مراجعة هذه الفرقعات الإعلامية مع حسن نية المواطنين بالإقتناع بكل معلومة يصرح بها مسئول كبير وإعتبارها صحيحة ومن الواجب تطبيقها . ويعتقد البعض من المتعلمين والمثقفين أن دور المراجعة والمتابعة والتدقيق في تقارير الوزارات والمؤسسات هو منوط بمجلس الشورى فقط ويرى البعض الآخر أن مجلس الشورى هو جهاز إستشاري يبدي الآراء وليس مسئوول عن ما يتخذ من إجراءات بعد توصياته . والحقيقة لقد وُفقت القيادة السعودية بإنشائها هيئة حماية النزاهة بهدف حماية النزاهة وتعزيز مبدأ الشفافية ومكافحة الفساد المالي والإداري بشتى صوره ومظاهره وأساليبه . وقد نصت المادة الأولى من إختصاصاتها متابعة تنفيذ الأوامر والتعليمات المتعلقة بالشأن العام ومصالح المواطنين بما يضمن الإلتزام بها . ونصت المادة (14) من إختصاصاتها تلقي التقارير والإحصاءات الدورية من الجهات المشمولة بإختصاصات الهيئة وفق ما تتطلبه الهيئة ، ودراستها وإعداد البيانات التحليلية في شأنها وإتخاذ ما يلزم حيالها .

وبناءاً على هذا الإختصاص أكدت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) الأسبوع الماضي في تصريح تناقلته وكالات الأنباء ووسائل الإعلام المرئية والمقرؤة بأن البرنامج الوطني لإغاثة الباحثين عن العمل (حافز) الذي نفذته وزارة العمل بعد الأمر الملكي لدعم الباحثين عن العمل لم يحقق هدف إقرار الإعانة ، كما أكدت الوزارة أن وزارة العمل لم تحقق أهداف إستراتيجية التوظيف الصادرة عن مجلس الوزراء . وقد أرفقت الهيئة تقاريرها لمقام خادم الحرمين الشريفين وذلك بعد متابعة الهيئة هذا الموضوع مع وزارة العمل وتبادل المكاتبات التي تستفسر وتطالب بالمعلومات والإحصاءات التي تدعم الوزارة التي أعلنت عنه في تنفيذ الأمر الملكي لدعم الباحثين عن العمل .

وأضاف تقرير (نزاهة) أن وزارة العمل لم تحقق أهداف إستراتيجية التوظيف الصادر بقرار مجلس الوزراء في عام 1430هـ للسيطرة على البطالة وتوظيف أعداد من المواطنين والمواطنات تساوي أعداد الداخلين لسوق العمل والتخفيض التدريجي للعمالة الوافدة ورغم إنتهاء السنتين المحددة كهدف مرحلي قصير المدى للسيطرة على البطالة . وكشف تقرير (نزاهة) أن عدد تأشيرات الإستقدام 1431 ، 1432هـ أرتفع بنسبة 14% بعد أن كان منخفضاً بنسبة 22% العام الذي قبله 1430 ـ 1431هـ ، في الوقت الذي كان يتوقع أن جهود وزارة العمل وحملاتها ومؤتمراتها وندواتها وتصريحات مسئوليها ستسهم في خفض نسب الإستقدام .

ورداً على تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) رفض مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد متهماً في برنامج (ياهلا) على فضائية خليجية الأسبوع الماضي الشباب السعودي بالرفض للوظيفة المناسبة وأكد مدير عام الصندوق إلى المخالفات التي تحرم الشباب من حافز تتمثل في رفض المتقدم لعرض عمل مناسب أو التخلف عن حضور التدريب . ويأتي رفض مدير عام صندوق الموارد البشرية لتقرير نزاهة بمثابة تشكيك في تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عندما تسائل عن المستندات التي أستندت عليها نزاهة في تصريحاتها . وأجزم أنا شخصياً بأن نزاهة لم تصدر تقريرها من فراغ أو من سراب أو من معلومات مغلوطة أو غير دقيقة . وهذا يدفعني إلى الإستغراب من ردة فعل بعض المسئوولين في الوزارات أو الهيئات أو المؤسسات الحكومية إذا لم يأتي تقرير نزاهة حسب مزاجه أو رغبته فيتجه إلى رفض التقرير والتشكيك في بياناته وأرقامه ونتائجه .

إن تجاوز المسئولين في الدولة حدودهم بتوجيه إتهاماتهم لجهاز أنشئ بقرار من الملك وبموافقة مجلس الوزراء محدد الإختصاصات والمهام يُرفع تقريره مباشرة للملك فإن هذا التجاوز سيضعف من عمل الهيئة وهيبتها وستكون تقاريرها روتينية ولا قيمة لها ولا مصداقية فيها وهو أمر نرفضه ولا نقبله . فالهيئة قوتها ومصداقيتها من ثقة ولي الأمر للقائمين عليها ، وثقة المواطنين فيها مما دفعهم إلى وضع آمالهم الكبيرة على تقاريرها ، وهي الأكثر والأقرب للمصداقية لأنها جهة محايدة ولو صدر النقد من كاتب مثلي أو محلل إقتصادي وعمالي فيمكن بكل سهولة أن تطعن الجهة المعنية بحجة عدم توفر البيانات المحدثة لدينا ، ولكن أذا كان الطعن في تقرير هيئة مكافحة الفساد فهذه كارثة وتحتاج إلى وقفة .

متمنياً أن تكلف هيئة الفساد (نزاهة) بالإطلاع على جميع تقارير وتصريحات المسئولين للتأكد من حقيقتها منعاً من التضليل للرأي العام وأتمنى من هيئة الفساد (نزاهة) أن تتعمق في البحث والدراسة للرد على المشككين في تقاريرها . وأقترح على صانع القرار تكليف (نزاهة) بمراجعة تقارير الوزارات ومطابقتها بالواقع ونتائج الخطط على أرض الواقع . وعلى وجه الخصوص مطابقات تصريحات المسئولين المبالغ فيها مع الواقع .

وإذا جاز لي الإقتراح فإنني أقترح بأن لا يسمح لأي جهة أو مسئول بالرد على تقارير نزاهة عبر الإعلام لأن تقارير نزاهة موجهة لخادم الحرمين وهو صاحب الصلاحية في التوجيه والرد .

د. عبدالله صادق دحلان

كاتب إقتصادي سعودي

 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 10:59 مساءً الإثنين 28 شعبان 1444.

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لصحيفة نشر الالكترونية © 2021