• ×
الإثنين 28 شعبان 1444 | 1444-06-23
صحيفة نشر

التربية أولاً يا معالي الوزير .

صحيفة نشر

 1  0  6261
صحيفة نشر

تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً مقطعي الفيديو على اليوتيوب ‏لطلاب مدرسة ( طليب بن عمر الابتدائية بالرياض ) أحدهما يظهر ‏الطلاب وهم يمزقون كتبهم في آخر يوم دراسي وهو يوم الخميس ‏‏16/7/1435هـ والمقطع الآخر وهم يحطمون نوافذ وأثاث فصولهم ‏الدراسية في مشهد أقل ما يمكن وصفه بأنه استهتار وجهل بالقيم الأخلاقية ‏‏... فإذا كان هؤلاء الطلاب في المرحلة الابتدائية وسلوكياتهم بهذا العنف ‏والتمرد والازدراء ضد العلم والثقافة .. وهو السن الذي يفترض أن يكون ‏الطالب في مرحلة الطفولة ... فكيف حينما يصل هؤلاء إلى مرحلة ‏المراهقة ؟!‏
وفي الحقيقة ان ظاهرة تمزيق الكتب لم تكن وليدة اللحظة بل ظهرت منذ ‏أكثر من عقدٍ من الزمان و قد شعرت بهذه المشكلة ، وقدمت مشروعاً ‏لإدارة الإشراف التربوي للبنات بمكة المكرمة لرفعه لمقام الوزارة ، ‏ووضعت له رؤية وأهداف وإجراءات تنفيذية تقوم على إجراء مسابقة ‏بين الطالبات ووجوائز تقدم لمن تسلم كتبها في نهاية الفصل الدراسي ‏وهي بحالة جيدة من خلال توعية الطالبات بأهمية المحافظة على الكتب ‏واحترامها والاستفادة منها في مجالات متنوعة ومن ثم على الجهات ‏المختصة الإستفادة منها إما بتدويرها أو بإرسالها للدول الإسلامية الفقيرة ‏وخاصة كتب الدين واللغة العربية ... ولكن للأسف لم يلق المشروع ‏آذاناً صاغية من المسؤولين وقيل لي: " لا داعي لمثل هذا المشروع "... ‏وها هي الأيام تثبت أهمية ما طرح قبل أكثر من عشرة أعوام وتنطلق -‏الآن - حملة ( احترامي لكتابي ) في منطقة الطائف لتوعية الطلاب ‏والطالبات بأهمية الكتاب ... وهكذا نحن دائماً لا نتحرك إلا حينما نصل ‏إلى مرحلة متقدمة من المشكلة ولا يعالج الخطأ في مهده !!.‏
أعتقد أن الإشكالية الكبرى أيضاً- في تلك السلوكيات تكمن في تخلي ‏الأسرة أولاً عن بعض مسئولياتها التربوية والإرشادية ؛ فاحترام الكتاب ‏كمصدر للثقافة وللعلم .. تكاد تكون معدومة للأسف في مجتمعنا وكذلك ‏هناك خلل في التوجيه لمقومات تربوية أساسيه ومنها المحافظة على ‏الممتلكات العامة واحترام المكتسبات الوطنية ، وتشترك المدرسة مع ‏الأسرة في هذا الدور التربوي .‏
والغريب في المشهد عند تحليله نجد أنه :لم يكن هناك أي معلم أو شخص ‏راشد يمنع هذه السلوكيات الخاطئة وحينما وصلت سيارة بها شخص ما ‏تراجع الطلاب للخلف وتخفى بعضهم عن النظر مما يدل على إدراك أن ‏ما يقومون به خطأ فادح .. ولكن للأسف فحتى ذلك الشخص - وإن كان ‏يبدو أنه ولي أمر أحد الطلاب- فلم يحرك ساكناً بل ربما خاف على نفسه ‏من بطش الطلاب !! ‏
وقد يقول قائل : ولكن ما هي الدوافع الأساسية لهذه السلوكيات هل هو ‏كره المدرسة .. هل هو انتقام من المدير والمعلمين لفرض أنظمة ‏وتعليمات لم تقنع عقولهم الصغيرة ؟؟ طبعاً مهما كانت المبررات فهي لا ‏تلغي بشاعة المشهد والسلوك . فلو كانت هناك دوافع من هذا القبيل ؛ ‏فهناك إدارة مدرسية وهناك مرشد طلابي وهناك توجيه نفسي في كل ‏مدرسة وكان من الأجدر المرور بهذه المراحل وعدم الوصول إلى مثل ‏تلك السلوكيات .. التي تشعرنا بأننا أقل ما نوصف به بالهمجية والتخلف ‏‏..‏
أعتقد أن كل ما في الأمر أننا تهاونا جداً في تربية الجيل فحتى لائحة ‏الانضباط السلوكي لم نستطع تطبيقها كما ينبغي، بل لم يعطي مدير ‏المدرسة الصلاحيات لتنفيذ بعض الأحكام فيها ولابد من الرفع لمقام ‏الوزارة أيضاً واستئذانهم !! وكثيراً للأسف ما تتدخل الواسطات في ‏الموضوع وتلغى العقوبة عن الطالب !! وكما قيل : ( من أمن العقوبة ‏أساء الأدب ) وها هم بعض الطلاب يتمادون على كل شيء وعلى كل ‏شخص ولم يسلم المعلم ومدير المدرسة من بطشهم في حين كانت التربية ‏في الزمن الماضي تقوم على احترام العلم والعلماء فالمعلم إذا سلك طريقاً ‏سلك الطالب طريقاً غيره احتراماً وتقديراً ...لكن حينما ألغيت قوانين ‏العقوبات ولم يصبح للمعلم أي صلاحية في تأديب الطالب .. فأصبح معلماً ‏فقط وليس مربياً ، بل ربما تقع عليه عقوبات جمة إذا حاول إصلاح مفسد ‏‏- والده طاغية - في حين كان الوالد في الزمن القديم يأتي لمدير ‏المدرسة ويقول له: ( لنا العظم ولكم اللحم ) في إشارة واضحة بالسماح ‏للمعلم بتقويم سلوكيات الطالب وتأديبه.. ولكننا لا نريد الوصول إلى هذه ‏الدرجة من العقوبة لأن مفهوم التربية قد تغير والانضباط يكون بالتوجيه ‏والارشاد أولاً ثم في حالة الخطأ إيقاع العقوبة الملائمة وإنفاذها .‏
واتذكر موقفاً أخر مؤلماً مر بي سابقاً حينما كنت في زيارة إشرافية صفية ‏لإحدى المعلمات في إحدى المدارس المتوسطة - والمنشأة حديثاً جداً ‏ومجهزة بأفضل التجهيزات المدرسية - وإذا بمقاعد الطالبات قد شوهت ‏بالكتابة والرسم عليها وقد تمالكت نفسي وصبرت حتى انهت المعلمة ‏الدرس .. فقد كانت في القلب غصة وحرقة على هذا التدنيس لصرح ‏علمي لم تستشعر الطالبات حجم الأموال التي صرفت عليه ... ولم ‏يشعرن بأن وطنيتهن تحتم عليهن المحافظة عليه .. وفرت من العين دمعة ‏وأنا أعتب على بناتي الطالبات على هذا الخرق السلوكي للمبادئ ‏الأخلاقية فشعروا بعظم الجرم وتعلموا أن الوطنية مبدأ يترجم في ‏سلوكيات الإنسان نحو وطنه في كل مكان وزمان. بل كان عتبي على ‏معلمة الفصل أكبر لعدم توجيهها لسلوك الطالبات وكذلك لمديرة المدرسة ‏التي يفترض أن تقوم بجولات يومية على الفصول وتفقد أوضاعها ‏وسلوكيات طالبتها ...‏
أعتقد انه آن الأوان يا سمو وزير التربية والتعليم ... - وأنت راعي ‏للشباب منذ أمد بعيد - أن نقوم إعوجاج هذا الجيل بالتوجيه أولاً من خلال ‏برامج وأنشطة.. ثم بقوانين وأنظمة وتعليمات دقيقة يعيها طلبة العلم جيداً ‏‏: فللعلم قدسيته وللمدرسة وللمعلم مكانتهما وهيبتهما .. وإلا فسيأتي يوم ‏نعض فيه أصابع الندم على ما فرطنا في تربية هذا الجيل .‏



فاتن إبراهيم محمد حسين

بواسطة : صحيفة نشر
 1  0
التعليقات ( 1 )
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    دلال كعكي 1435-08-09 10:09 صباحاً
    تسلم يدك أساتذتنا القديرة علي هذا الطرح الرائع والحلول المناسبة
    تحياتي
أكثر
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 10:01 مساءً الإثنين 28 شعبان 1444.

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لصحيفة نشر الالكترونية © 2021