لقد حظي التعليم في بلادنا الحبيبة باهتمام بالغ من حكومتنا الرشيدة ، وليس أدل على ذلك ما رفد به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله قطاع التعليم من دعم سخي وهي الثمانون ملياراً (80 مليار) لتكون إضافة سامقة للميزانية الأساسية .. ايماناً منه بأن التعليم هو مفتاح التنمية والعصا السحرية لنقل المجتمع إلى ركب الحضارة والتقدم .. وبهذا المبلغ ترتفع ميزانية التعليم العام لتصل إلى ( 210 مليار ريال ) وهي أضخم ميزانية تشهدها البلاد خصصت للتعليم وبزيادة أكثر من 24.56% من ميزانية العام الماضي . هذا بالإضافة الى تعيين صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل وزيراً للتربية والتعليم ، لتحمل قيادة دفة المعرفة والوصول للعالم الأول عبر خطط واستراتيجيات عالمية لتطوير التعليم .
إن هذه الخطط الطموحة من الدولة لقطاع التعليم والاهتمام يجعلنا أمام تحديات كبيرة للمحافظة على هذه المدخلات المالية الهائلة من الإختطاف نتيجة الهدر أو التشتت أو الفساد ؛ بضرورة وضع أساليب رقابية ضابطة لكل المدخلات والمخرجات للعملية التعليمية . ومع أنه أنشأت هيئة ( تقويم التعليم) منذ العام الماضي الماضي 1434هـ لبناء نظام تقويمي وضمان جودة التعليم العام بحيث يتضمن معايير ومؤشرات أساسية على الانتاج ، إلا أننا نتمنى أن تكون للهيئة -أيضاً - خطط استراتيجية لكل ما ينفق على التعليم خاصة بعد ضخ الـ 80 ملياراً هذه ، بحيث يكون هناك تقويم شامل ومتوازن لعناصر العملية التعليمية ( المعلم -المنهج الدراسي -البيئة التعليمية -والادارة المدرسية) وفق أحدث النظريات التربوية العالمية والتي يجب أن تتلائم مع مقومات مجتمعنا واحتياجاتنا الأساسية . فقد اعتمدت وزارة التربية والتعليم ( مثلاً ) لـ (308 كتاباً ) جديداً للعام المقبل ضمن المشروع الشامل للمناهج وهذا أمر يحتاج إلى كثير من التقويم عن مدى فاعلية هذه المناهج ومدى تحقيقها لأهداف المجتمع تربوياً وتعليمياً ، وكذلك مدى إمكانيتها في إحداث النقلة النوعية في التطوير والتحسين لشؤون خدمة الوطن وتطوره ورقيه .
كما إن التقويم لا بد أن يشمل كذلك قياس مستوى الطلاب منذ الفصل الدراسي الأول وعبر وسائل القياس والتقويم المختلفة كمؤشر لمدى فاعلية تلك المقررات وأسباب القصور إن وجدت هل هي في مستوى الطالب أم لا أم أن هناك قصوراً في جوانب أخرى مثل: المعلم أو قلة التدريبات أو غيرها .... ولعل ما يحسب لسمو الأمير خالد الفيصل هي خطته في إكمال المسيرة للوزارة السابقة ، وهذا بحد ذاته كفيل بعدم نسف المجهودات السابقة من مشاريع وخطط وبرامج بدأتها الوزارة وربما لم تكمل مشوارها المخطط له بعد ، مما يشتت الجهود التربوية والتعليمية ويعمل على عرقلة حركة التنمية .. ولكن إكمال المسيرة يتطلب التقويم المرحلي لكل مشروع من مشاريع الوزارة بل أن تكون المحاسبية والشفافية مبدأ أساسي؛ فيكون هناك على موقع الوزارة تقارير دورية لعمليات التنفيذ للخطط والبرامج والمشاريع وما صرف من أموال في كل مرحلة ، حتى يتمكن جميع المهتمون بشؤون التعليم الاطلاع عليها ، مع تحديث المعلومات مرحلياً . بل أن توضح العوائق والمشكلات التي تعيق مسيرة أي مشروع وإخطار المجتمع بها ، وأظن أن عملية التقويم هذه تجعل الوزارة هي المستفيد الأول فالشفافية تعين على المتابعة وضحد الشائعات والتشكيك في البرامج المقدمة . بل هناك ضرورة لوضع تقارير عن الشركات المنفذة للمشاريع وخاصة (المباني الدراسية) ومدى دقة المواصفات ومطابقتها مع الأصول التي تكون ضمن معايير عالمية في الجودة و الاتقان بحيث تتناسب وما ينفق عليها من أموال طائلة . بل أن تكون وفق خطة مدروسة تقوم بها مكاتب استشارية هندسية عالمية ، وهذا ينطبق على جميع المشاريع مثل: ابتعاث المعلمين والمعلمات ..تدريب القيادات الإدارية .. - وغيرها - من المشاريع .
إن عمل (هيئة تقويم التعليم) لا بد أن يكون أيضاً مصاحباً وموازياً لعمل الهيئات الرقابية الأخرى المرتبطة بمجلس الوزراء مثل: هيئة الرقابة والتحقيق وهيئة مكافحة الفساد ( نزاهة ) والمباحث الإدارية وغيرها .. بل أن تكون في مجلس الشورى لجنة تسمى لجنة ( مراقبة الأداء التعليمي ) بحيث تكون لها اليد الطولى في تقويم مخرجات التعليم ومدى موافقتها للمدخلات وأين صرفت الأموال .
إن هذه الشمولية والتوازن في التقويم المرحلي للتعليم تجعلنا أكثر قدرة على تتبع الإنجازات وإزالة المعوقات ودعم للجهات المنفذة في تجاوز العقبات . وبذلك تتحقق طموحات قيادتنا التي تجعل المواطن هدف التنمية لبناء وطن نفاخر به الأمم ) .
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل