صحيح أنني كنت أشاهد أحداث كأس العالم بكل تفاصيلها بشغف كبير ومتعة خاصة ، كونها في البرازيل التي تسكن فيها عراقة كرة القدم وسحرها الحقيقي ، وإن كنت حزنت كثيرا لسباعيتها المفضوحة بقسوة الألمان الذين تخصصوا في الأوزان الثقيلة فأعادوا لنا الذكرى الفانية بأوجاع الثمانية.
كل ذلك لم ينسيني الحسرة والألم التي تنتابني حينما أتذكر أن منتخبنا الأخضر اكتفى بالمشاهدة حاله حالنا كجمهور مشجع في هذة الفرجة العالمية.
كم كنت أتمنى أن يكون حاضرا وممثلا لنا في هذا المحفل الكبير الذي تتجه إليه الأنظار من كل حدب وصوب.
لعل ما أحسست به من حزن وأسى قد شعر به أصحاب القرار فهبت أعاصير التغيير لتقتلع رأس الهرم ، وتشرع في بناء أحد عشر ملعبا رياضيا ، كفيلة بإحداث نقلة نوعية منتظرة بشرط أن لا يصيبها داء التعثر المزمن الذي أصاب كثيرا من أقرانها في كثير من المشاريع الرياضية المنسية.
عجبا ! لا زالت الرياضة في مجتمعنا تمثل في كثير من العادات والتقاليد أمرا يدخل في ثقافة العيب ، ويعتبر من يمارسها خارجا عن قانون القبيلة اللعين !
وخذ من السوء قليلا فملاعب مدارسنا تطورت من أحواش ترابية تتسع مجازا لطاقات أكبر عدد من الشباب لتتحول إلى ملاعب السداسيات القاتلة لروح كرة القدم ومتعتها ، حيث لا تتحمل إلا عدد يسير لا يفي بشروط ممارسة كرة القدم الحقيقية.
ولك أن تتخيل أن أبناء الجيل الجديد يلعبون كرة القدم بإبداع منقطع النظير مستخدمين أعينهم وأيديهم بدلا من أقدامهم في ظل إدمانهم الألعاب الإلكترونية الشقية والتي منعتهم من الخروج إلى العشب الأخضر ، أو حتى الملاعب الترابية في الأحياء الفقيرة ، أو حوش البيت على أقل تقدير.
كيف لنا أن نعود إلى مصاف العالمية ونحن نعاني الأمرين ، فمرارة السائل أشد فتكا من مرارة المسؤول ، وكل ذلك تحت وطأة التغافل عن مجرد التفكير في إيجاد حلول من قبل المختصين الذين آثروا التنازع على المناصب الواهية ، فأصبحت قلوبهم قاسية ، وأفكارهم ساهية ، ولم تعد قراراتهم آمرت ولا ناهية ، فذهبت رياضتنا في ستين داااااهية !!!