• ×
الأربعاء 30 شعبان 1444 | 1444-06-23
 فاتن إبراهيم محمد

ترك عقوق الوالدين ..تدريب تربوي ‏

فاتن إبراهيم محمد

 0  0  6210
 فاتن إبراهيم محمد
لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى ببر الوالدين وحثنا على الإحسان إليهما والتقرب لهما .. حيث ‏قرن عبادته بطاعتهما والبر بهما كما قال تعالى: " ‏‎ ‎وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين ‏إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل‎ ‎لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ‏واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا‎" ‎‏ (سورة الإسراء ‏الأية 4) ولكن وللأسف الشديد أنتشر عقوق الوالدين في المجتمع المسلم بصورة كبيرة ‏‏.. وكثيراً ما نرى مظاهر عدم البر من خلال عدم احترام الوالدين ورفع الصوت عليهما ‏أو النظر باستهزاء لأقوالهما ومنهم من يقول لوالده : "أنت منتهي الصلاحية " ومنهم من ‏يخجل منه أن يمشي معه أو يرافقه إذا أصبح ذا منصب أو جاه ووالده مقعد أو أعمى أو ‏مريض.. فكم يتألم الوالد أو الوالدة لمثل هذه العبارات أو الكلمات التي تدل على الجحود ‏والنكران ..وهو الذي أفنى عمره كله ليقدم له العيش الرغيد والسعادة والتعليم وأنفق كل ما ‏يملك من جهد ومال ووقت في سبيل إسعاده . كما نسمع كثيراً عن أبناء قد أودعوا إباءهم ‏أو أمهاتهم في المصحات ودار العجزة ولم يعودوا يسألوا عنهم وذلك لانشغالهم بماديات ‏الحياة والأبناء عنهم.. سبحان الله وما علموا أن التوفيق والسعادة التي تحدث لهما في ‏حياتهما إنما تكون ببرهما لوالديهما والإحسان لهما بل ربما ما يصيبهم من مصائب في ‏الحياة أو عدم توفيق في الحياة يكون بسبب عصيانهم لوالديهم وعدم برهما .. فبر ‏الوالدين أو عقوقهما أمر يحاسب عليه الله في الدنيا قبل الآخرة.. والعقوبة تنزل بالعاق ‏في حياته.. ‏
وأعتقد ان من أسباب العقوق هي : ‏‎ ‎البعد عن تعاليم الإسلام وقيمه وتعاليمه و‎ ‎الجهل بها : ‏فإذا جهل المرء عواقب العقوق العاجلة والآجلة ، فإنه يقع في جرم العقوق . فقد جاء في ‏الصحيح عن‎ ‎أبي بكرة‎ ‎، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‎ ‎‏"‏‎ ‎ألا أخبركم بأكبر الكبائر ؟ ‏قلنا : بلى يا رسول الله . قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ". ‏‎ ‎وكذلك سوء التربية ‏فالوالدان إذا لم يربيا أولادهما على التقوى، والبر والصلة، وطلب المعالي، فإن ذلك ‏سيقودهم إلى التمرد والعقوق‎ ‎‏ .. كما أن الصحبة السيئة للأولاد تفسدهم وتجعلهم بعدين ‏عن إباءهم وأمهاتهم ، أو ربما أن هؤلاء الإباء هم أصلاً كانوا عاقين لأباءهم وأمهاتهم ‏فيعاقبهم الله بعقوق أبناءهم لهم .. فهكذا عقاب الله بالعقوق يعجله في الدنيا قبل الآخرة ‏فالجزاء من جنس العمل .. او ربما من الأولاد من يسمع كلام زوجته التي لا ترغب ‏بوالديه وتطغى الأنانية عليها وتطلب منه إخراجهما أو عدم الذهاب لهما. ‏‎ ‎وكذلك قلة ‏إعانة الوالدين لأولادهما على البر: فبعض الوالدين لا يعين أولاده على البر، ولا يشجعهم ‏على الإحسان والخضوع له.. والصحيح تربيتهم منذ الصغر على البر وتقبيل رأسهما ‏وأيديهم وشكرهما على كل عمل يقومان به ..‏
والمفروض ان تكون هناك عقوبات تطبق على من يثبت عقوقه لوالديه بضربهما أو أي ‏إيقاع أي أذى لهما فهي تطبيق لحدود الإسلام فيرى القاضي الجرم ويوقع العقوبة على ‏حسب ذلك الجرم ، وحتى أن تنازلت الأم أو الأب عن الحق الخاص في العقوبة رأفة ‏بأبنهما.. فالحق العام لابد أن يطبق بل ويجب التغليظ فيه وإعلانه للناس في كل وسائل ‏الإعلام لجرم العاق لوالديه وليكون عبرة لمن يعتبر حيث لا ينبغي التستر عليه . ‏
و يمكن الحد من ظاهرة العقوق: بالتربية القويمة للأطفال منذ صغرهم وحسن تأديبهم ‏بقيم وتعاليم الإسلام وأن يروا القدوة أمامهم من بر إباءهم وأمهاتهم بجدهم وجدتهم فهم ‏ينشأون هنا على التربية بالفعل الصحيح ‏‎.‎‏ وأ ن تكون المناهج الدراسية مشتملة على قيم ‏بر الوالدين والإحسان لهما .. بل أن تخصص في فقرات الإذاعة المدرسية من برامج ‏وأنشطة وتمثيليات وجوائز تحفز على بر الوالدين والإحسان لهما .. هذا فضلاً عما ‏يقدمه المسجد والخطباء والدعاة في المساجد من خطب ومحاضرات لتوعية الجيل ‏بمخاطر العقوق على الإنسان نفسه وعلى حياته وضرورة الطاعة للوالدين وبرهما - ‏وسبحان الله هناك إستثناء وحيد: فالزوجة؛ تقدم طاعة زوجها على طاعة والديها لأهمية ‏طاعة الزوج في استقامة الحياة الزوجية - بل لابد ان تقوم كافة وسائل الإعلام بتوعية ‏الجيل وخاصة المرئية بإنتاج برامج وتمثيليات تقوم على بر الولدين وتوضيح أساليب ‏خفض جناح الرحمة و التذلل لهما ، والتواضع واللين ‏‎, ‎البعد عن زجرهما بل والإصغاء ‏إليهما وذلك بالإقبال عليهما بالوجه إذا تحدثا، وترك مقاطعتهما أو منازعتهما الحديث، ‏والحذر من تكذيبهما، أو ردّ حديثهما‎ ‎‏ ، ومقابلتهما بالبِشر والترحاب بعيدًا عن العبوس، ‏وتقطيب الجبين‎.‎‏ التودد لهما، والتحبب إليهما: ومن ذلك مبادأتهما بالسلام، وتقبيل أيديهما، ‏ورؤوسهما، والتوسيع لهما في المجلس، وألا يمدّ يده إلى الطعام قبلهما، وأن يمشي خلفهما ‏في النهار، وأمامهما في الليل خصوصًا إذا كان الطريق مظلمًا أو وَعِرًا، أما إذا كان ‏الطريق واضحًا سالكًا فلا بأس أن يمشي خلفهما‎.‎
الجلوس أمامهما بأدب واحترام: وذلك بتعديل الجِلْسة، والبعد عمّا يشعرهما بإهانتهما من ‏قريب أو بعيد، كمَدِّ الرِّجْل، أو القهقهة بحضرتهما، أو الاضطجاع، ، أو مزاولة المنكرات ‏أمامهما، أو غير ذلك مما ينافي كمال الأدب معهما‎.‎‏ بل عليه‎ ‎مساعدتهما في الأعمال: فلا ‏يليق بالولد أن يرى والديه يعملان وهو ينظر إليهما دون مساعدة لهما‎‎
‏ مع مراعاة تقديم حقّ الأم وذلك لما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ‏رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، مَن أولى الناس بحسن صحابتي؟ ‏قال: "أمك". قال: ثم مَن؟ قال: "أُمَّك". قال: ثم مَن؟ قال: "أمك". قال: ثم مَن؟ قال: ‏‏"أبوك . ‏
هذه أبسط حقوق الوالدين التي لابد أن نعود أبناءنا عليها وضرورة توعيتهم بها لبر ‏إباءهم وأمهاتهم .. ليستدركوا الجنة قبل فوات الأوان..


الكاتبة التربوية والاجتماعية : فاتن إبراهيم محمد حسين ‏

 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 12:25 صباحاً الأربعاء 30 شعبان 1444.

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لصحيفة نشر الالكترونية © 2021