وِداعُ الحُجاج للكعبة
لاحظتُ بعد موسم حج هذا العام في بعض وسائط التواصل الاجتماعي مثل الواتس.آپ، تداولَ كليپ قصير فيه عدد من الحجاج اشير الى انهم من الصين.. و يقومون بحركة اثارت انتباه -و ربما استغراب- المُصور لاقط منظرهم و هم يخرجون من المسجد سائرين الى الخلف!
حقيقةً، و أولاً، لقد كان اولئك الحجاج من فئة الأويغور، الكشغر، المتحدثين بلهجة تركية و يقطنون منطقة شـِنجيانگ بشرقي تركستان، و مركزها/عاصمتها 'أرومچي'، في اقاصي غرب الصين.
أما منظر هؤلاء الحُجاج و هم يسيرون الى الخلف في طريق خروجهم من المسجد الحرام.. بينما يواصلون -في الأثناء- مقابلة الكعبة.. فلقد كان منظراً مألوفاً.. خاصة في سابق الأزمان بمكة المكرمة.
بل، لقد كان هذا هو الأسلوب المتبع؛ فكثير من الحجاج -إن لم يكن كلهم- كانوا يحرصون اثناء مغادرة المسجد الحرام على مواجهة الكعبة حتى آخر لحظة ممكنة، و أن تكون رؤية الكعبة آخر عهدهم بالحج و الزيارة.
و لقد كان بالحرم باب مشهور، اسمه 'باب الوداع'.. في الجهة التي حل محلها باب 'سعود' (و كان هذا هو الاسم الأصلي و لمدة عشر سنين..ثم تم تحويل المسمى الى 'باب عبدالعزيز'، المستعمل حالياً).
فكان الحجاج يستعملون 'باب الوداع' عند مغادرتهم و توديعهم الحرم و الكعبة.
و ارضية الحرم كان معظمها مغطىً بالحصا، الحـَصوَة، التي كانت تـُفرش عليها قطع طويلة من القماش القطني الأبيض، و ربما بكامل طول 'طاقة'(رزمة) القماش، و ذلك بعد غمسها في ماء زمزم. و كانوا ينشفونها باستعمال اشعة الشمس على تلك الحصوات؛ ثم يجمعون القماش عند جفافه ليحملونه معهم حين وداعهم الحرم و الكعبة عائدين إلى ديارهم.. و ذلك لاستعماله في تكفينهم إن هم تـُوفوا هناك.
و ذلك كله اثناء قيام الحجاج بأداء طواف الوداع؛ و هُم في ذلك متأثرون بمقولة منسوبة إلى الغزالي في دعاء مثل: اللهم لا تجعل هذا آخر عهدي ببيتك الحرام؛ و إن جعلته آخر عهدي، فعوِّضني عنه بالجنة.
د.ابراهيم عباس نــَـتــّو عميد
سابق بجامعةالبترول
سابق بجامعةالبترول