• ×
الثلاثاء 29 شعبان 1444 | 1444-06-23
زكية القرشي

بناتي الحياة

زكية القرشي

 0  0  6531
زكية القرشي


نطفة فمضغة فجنين فمولود يخرج الى الحياة بعد أن تشارف روح الأم على الخروج من شدة الألم.
وبمجرد خروج الرأس وقبل أن يخرج الجسد إلى الحياة الدنيا مودعاً وعاء أمه الذي أحتضنه ل تسعة أشهر يصمت الألم وتعم الفرحة لتنسي الأم الحنون معاناة الولادة.
سبحانك رب ما اعظمك.
تدر حليبها بين شفتان بالكاد تروى من حليب صدر غمره الحب
وبعد أن كان جنيناً أصبح مولود فطفل فمراهق حتى باتت فتاة ناضجة فعروس.
وتدور دائرة التكوين من جديد لتنتج للعالم مولود جديد.
تسهر وترضع وتربي.
أنا أحب بناتي كجميع الأمهات بل جمعت في قلبي لبناتي حب جميع الأمهات.
دائماً أدعوا الله الا يختبر صبري عنهم ولا يخيفني عليهم واليوم وضعني في هذا الإختبار الصعب.
إختبار لا يعتمد نجاحه على القلم الأحمر بيد معلمة وورقة نجاح أو رسوب.
قبل فترة من الزمن دخلت ابنتي رهام إلى غرفة العمليات لاستئصال اللوزتين خفت كثيراً وبكيت دون ان تشاهد ابنتي دموعي ودعوت وصليت وطلبت رب أن يحفظها لي.
ربما اليوم الخوف أعظم لأنه خوف وخوف.
خائفة على رنيم التي دخلت إلى غرفة العمليات للتخلص من معاناة المرارة.
سبق وأجريت هذه العملية وأعلم أنها ليست خطيرة ولكن اليوم الخوف أخطر مما توقعت.
هناك جنين يسكن بالقرب من المرارة وحصواتها اللعينة التي عذبتها طوال ستة أشهر.
أجلس الآن بالقرب من سريرها أنتظر خروجها من غرفة العمليات والحقيقة أشعر أن قلبي يكاد يتوقف من القلق والخوف.
خوف مضاعف لروحين وقلق على جسدين وقلبين.
رب نجهم يامنجي
ما أصعب الإمتحان حين يكون في أولادنا وما أعظم الصبر حين يغتال خوفنا
لي من البنات أربع رولا توأم الروح ورفيقتي منذ ولادتها وخزنة الأسرار.
ورنيم الهادئة وتوأم الروح وصديقتي.
ورهام توأم الروح وجزء مني تتوسد ذراعي في صغرها لتنام وتحفظ أسراري واشكوا إليها وافرح معها في صمت.
ورهف آخر توأم لروحي لم احظ بقربها الا خمس سنوات وغابت وغاب الفرح عن قلبي بغيابها وعادت ابنة السادسة عشرة وعادت بعودتها الحياة ليس لي معها الكثير من الذكريات وليس بداخلها شيء من ذكريات السنوات الخمس ولكنها ابتسامة الفرح والوردة الرابعة والأخيرة في مزهريتي.
رب أنت اعلم بحالتي في هذه اللحظات.
اعلم أنك تختبرني إختبار عصيب يصعب على قلبي العجوز الصمود.
رب اسألك باسمك العظيم الأعظم الذي لايعلمه سواك لاتحرمني بناتي وأكتب نهايتي قبلهم فأنا لا أقوى فراقهم
وأكتب لهم من الحياة مدد ومن السعادة ما لا يعد.
انتهيت وما زالت ابنتي في غرفة العمليات يارب لاتحرمني ولا تحرمها وإخوتها الحياة.
فانا أحب بناتي بعدد من عاش من خلقك ومن مات ومن هو آت.
صباح الثلاثاء ١٢ديسمبر ٢٠١٧
غرفة ٤١٥٠

 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 01:46 صباحاً الثلاثاء 29 شعبان 1444.

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لصحيفة نشر الالكترونية © 2021