• ×
السبت 10 رمضان 1444 | 1444-06-23
يحي محمد العبدلي

إعتذار السياسي !

يحي محمد العبدلي

 0  0  6130
يحي محمد العبدلي



فهم طبيعة البشر تتطلب تجربة أكثر في الحياة من قبل المرء لكي يفهم ممارسات الأخرين وردّات فعلهم المحتملة. و سوء الفهم يبرز كيفية تعامل الشخص إتجاه الأخرين أو بالأحرى إتجاه صديقه الذي أخطأ بحقه. هنا يبرز دور المخطئ وردّة فعله إتجاه الخطأ الذي أقترفه. كيف ينظر إلى خطائه ؟هل هناك شعور بالأسف والندم حيال فعله للصديقه أو جاره .لا شك الإعتذار هو تعبير عن الشعور بالندم أو الذنب - على فعل أو قول تسبب فى ألم أو إساءة لشخص آخر وذلك بطلب العفو من الذى تأذى بذلك. وإعتذار السياسي ينظر إليه بشكل أكبر حيث المصلحة العامة والشان الوطني هو ما يجعل السياسي يفكر مرتين قبل أي تصرف قد يجر بلاده إلى نزاعات لا تحمد عقباها. ما لفت نظري في هذه الأيام هو إعجابي بتمسك رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان بموقفه حيال طلب إعتذار الدولة العبرية بشأن قضية أعتدائها على سفن أسطول الحرية في مايو (أيار) 2010، الذي قتل فيه 9 أتراك وأصيب العشرات، مما زاد من حنق أنقرة تسريبات مقاطع من تقرير لجنة بالمر، التابعة للأمم المتحدة، التي كانت قد حققت في الاعتداء ولم يٌنشر بعد،حيث طالب وزير الخارجية التركي أحمد داود أغلو عن التقرير بأن بلاده ترفض تقرير بالمر الذي أجاز الحصارعلى غزة واعتبر الهجوم الإسرائيلي صحيحا ً.وأعلن أوغلو سحب السفير وجميع المسؤولين الكبار في السفارة وطرد السفير الإسرائيلي وجميع المسؤولين في السفارة ممن يحملون الدرجة الدبلوماسية الثالثة فما فوق وخفض التمثيل الدبلوماسي للدرجة الثالثة، وتجميد جميع الاتفاقات الأمنية، بما في ذلك صفقات السلاح. وشدد أوغلو على أن تركيا لن تتراجع عن الحصول على إعتذار وتعويضات. في حين قامت الدولة العبرية بإجراء مماثل ولكن بشكل يعبر عن عنجهية وبلطجة هذه الدولة حيث أستدعت السفير التركي اوغوز جيليكول وقد حرص نائب وزير الخارجية الاسرائيلي ايالون على التقليل من شأن السفير, وتحدثت وسائل الاعلام الاسرائيلية الثلاثاء عن "تأنيب مذل" للدبلوماسي التركي, مع نشر صور يظهر فيها جالسا على مقعد منخفض والارتباك باد عليه في مواجهة ايالون الذي كان واقفا ومحاطا بثلاثة موظفين اسرائيليين تبدو عليهم الصرامة. وإعتذار السياسي يتطلب مراجعة من قبل مختصين حتى لا يتعرض لملاحقات قانونية كما هو حاصل مع الدولة العبرية، حيث الإعتذار يعتبر إعتراف ضمني بما فعلت الدولة إتجاه الضحايا هو ما فسره البعض عندما كتب توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا سابقا ً قبل عدة سنوات، رأيه ُ في مجلة «نيو نيشن» التي تصدرها الجالية الكاريبية السوداء في بريطانيا، وأعلن فيه «أسفا ً عميقا» على دور بريطانيا في تجارة الرقيق التي ازدهرت، خاصة من أفريقيا الى الأميركتين، خلال ثلاثمائة سنة، حتى القرن التاسع عشر. ورغم أن بلير لم يقدم إعتذارا ً رسميا ً كاملا، فقد أعتبر أسفه حدثا تاريخيا، وقال: «صعب جدا ً أن يصدق الشخص أن ما يعتبر اليوم جريمة ضد الإنسانية كان قانونيا في ذلك الوقت». ولأن الأسف مجرد شعورا ً لا يرتقي إلى مستوى الإعتذار التي قد يكلف الحكومة بدفع تعويضات جراء التجارة الرقيق لعائلات الضحايا. وقبل أكثر من عشر سنوات، ذهبت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية الى الهند، وزارت أمريستار، حيث وقعت مذبحة قبل ثمانين سنة عندما كانت الهند مستعمرة بريطانية، وقتل الجنود البريطانيون أربعمائة من المتظاهرين المدنيين الذين كانوا يطالبون بالحرية. لم تستعمل الملكة كلمة «أسف»، ولا كلمة «إعتذار»، لكنها وقفت أمام قبور القتلي، وانحنت، ووضعت باقة زهور، وصمتت لدقيقة. وفسرت الصحف البريطانية ذلك بأنه «طلب مغفرة»، وقالت إن معناه عدم دفع تعويض. والإعتذار دليل شجاعة وليس دليل ضعف، ولكن في السياسة إعتراف ومن ثم دفع تعويضات في حالة قيام الدولة بذلك !.دمتم بود .


يحي محمد العبدلي.

Alhabeg_2004@hotmail.com

 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 10:29 مساءً السبت 10 رمضان 1444.

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لصحيفة نشر الالكترونية © 2021