• ×
السبت 10 رمضان 1444 | 1444-06-23
د. إبراهيم عباس نــَـتــّو

القّبوليَة الحـُسنىَ

د. إبراهيم عباس نــَـتــّو

 0  0  6399
د. إبراهيم عباس نــَـتــّو
بقلم/ د.إبراهيم عباس نــَـتــّو
عميدسابق بجامعةالبترول





منذ امدِِ و أنا اجدني اتعامل (بشيئ من) قلة الارتياح مع مفردات مثل 'التسامح'؛ و 'التحمل'؛ و 'التعايش'.. و مثلها: قلة راحتي مع حتى اللفظة الانگليزية Tolerance، ايضاَ!

و السبب هو إني لا ارى و لا احسَ بأنها تشفي الغليل، بل أرى انها لا تؤدّي الغرض الذي ارتجيه و ارتضيه. فأجدني أحسّ بأننا نحتاج الى لفظة اقرب و اجمل (و أعمق)..أثناء التعامل مع البشر في شتى الانحاء.
فعساني أتوفق في إحداث -و ترويج- عبارة (القبوليـّة الحًُسنى) في العربية؛ و معها لفظة Acceptancia في اللغة الإنگليزية، أيضا.

و لكم وجدتُ أن كلمة (التعايش)، رغم ايجابيتها و جمالها.. إلا أني اراها لا تؤدَي الغرض الحقيقي و الشعور الإيجابي الكافي. فلفظة 'التعايش' قد تأتي بمجرد (تحَـمّل) الانسان أخاه؛ او أنها قد تعـبّر عن مجرّد 'التنازل' لفكرة الآخر، او حتى لوجود و تواجد ذلك (الآخر)!

و في نفس الاتجاه و المنوال، فإننا مع كلمة (التسامح) قد تُحسّ بأنّ طرفي الخلاف او جانبي الفكر المتنافس قرَرا مجردّ الهدنة او الصفح و (السماح)! و كأنّ الطرفين قد توصّلا الى مجرد ان يتناسيا ما مضي من التضاغن بينهما؛ و كأنََ كلاً منهما لديه بواقي من الشعور بأنه (تنازل) للآخر، وأنه الآن فقط (يتعاون) معه لكنّ في نفسه غصة بأن الآخرَ قد غمـَطه حقـّه أو جزءاً منه!

فا(التسامح)، فما افهمه -أيضاً في اللفظة الانگليزية- في لفظة tolerance، فهو مجرد 'التحمَل' و التعايش، و كأنَه اقربُ لـ(للقبول على مضض)، او بالأمر الواقع، و بما قد يجافي الرضا و الارتضاء. و أشعرُ بأن هذا التسامح Tolerance لا يرقى إلى تحقيق البال الراضي او النفس المطمئنة و(القبولية الحُسنى)! و لذا، فأودّْ ان اقترح مسمىً جديداً في الانگليزية أيضاً: Acceptancia!

ففي العربية، أودُّ أن اقدَم (القبوليـّة.الحُسنى) كبديل لـ'التعايش' و 'التسامح'. و لعلّ (القبولية.الحسنى) تكون الأنسب من غيرها، خاصة إذا نحن شفَعنا لفظة القبول/ القبولية الحسنى بمثل ما جاء في الآية: '..فتقبَّلها رّبَُـها بِقبولٍ حَسَن' ..بقبولٍ مطلقٍ عامرٍ غامر، غير مشروط. بل بشعور مفعم بالقبول الحقيقي!

و تبقى بالطبع هناك الكلمة المصاحبة: فكرة (المحبة)؛ فهي الروح المعبَرة عن مفاهيم التوادّ و التعاشر و التراحم بين البشر؛ و المفهوم الذي يعتبر الملاذ و الملجأ الذي يلزمنا اعتماده في تعاملنا الإنساني و الكوني. ففي نهاية المطاف، فإن المحبة مفهومٌ لا يسمحُ بأي ضغائن، ولا يقبل افكاراً سلبية؛ بل يأتي مفهوماً خالصاً مجرداً من شوائب الماضي و نغائص الحاضر و هواجس المستقبل.. لتبقى المحبة الدعامة الأساسية في العلاقات بين البشر: و هي تمنحهم القوة، و تسهَََل لهم الأريحية فيما بينهم؛ و كذلك القدرة على تسوية تضادّات الحياة الظاهرة و المتدثرة؛ و على محاولة حلحلة معضلاتها و حّلَ عُـقدها بمختلف الوسائل (السِلمية)؛ و بأمل أن تزول الانقسامات بين الناس و فيما بين الدول؛ و أن تزوّدهم بما يحقق المزيدَ من سـُبل توادَهم و تراحمهم، و (قبولهم) بعضَهم بعضا.

فعسى ان تنتشر بيننا مفردة (القبوليّة الحـُسنى)؛ و أن تصاحبها -في الإنگليزية- لفظة Acceptancia/أكسِـبتانسِيا)، أيضاً. فهما هنا مقترحان بقصد ان يصبحا صِنوين: في اللغة العربية و في اللغة الانگليزية.

فليتنا ننهج (القبوليـّة/ القبولـيّة الحُسنى) Acceptancia أثناء تعاملنا مع اخينا الانسان، في كامل البيئة و الاكوان؛ و ألاَ نكتفي بمجرد 'التعايش': التواجد؛ التهادن؛ و لا حتى بمفهوم 'التسامح'؛ و لو أنهما مفهومان ضروريان..(لكنهما لا يكفيان)!

 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 11:42 مساءً السبت 10 رمضان 1444.

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لصحيفة نشر الالكترونية © 2021