بقلم/ د.إبراهيم نــَـتــّو
(الشعبنة) هي من العادات و التقاليد الحجازية الأصيلة، و تتمظهر في نشاطات اجتماعية و احتفالات اهلية تبدأ من منتصف شعبان بين الأقارب و الأحباب و الأصحاب.. فيجتمعون و يفرحون و يبشكون و يسمرون و يسهرون.. و مما لذ و طاب ياكلون.
و هم في ذلك كله يودِّعون شعبان و يستقبلون رمضان.
فكان الناس يخرجون في الخلا و يتجمعون تحت ما تيسر من الاشجار، ثم يقيلون او يسمرون. و الآن صاروا يتجمعون في الاستراحات او في البيوت الكبيرة؛ و المهم هو تكحيل العين برؤية الأهل و الأحباب؛ فتـُعقد جلسات الأنس و السمر.. و أحيانا تشمل مشاهدة لعبة المزمار فتكمل الفرحة على النطاق العام.
و في الشعبنة يُقدَّمُ السليق المكـّاوي فيطبخ اللحم بالرز و الحليب مع شيئ من المستكا لإضفاء شيئ من النكهة و الطعم؛ و به اللحم كامل الاستواء.
كما و قد تشمل الأكلات الأخرى مثل مشويات اللحم الطري.. المبشور؛ و يُـقدّم معه الرز الأبيض، و قد تصاحبه صلصة خلطة الكزبرة/ البقدونس، مع شيئ من الفلفل الأخضر و مهروس الطماطم المشوي.. في سلطة الدُّقُس؛ او سلطة اللبن بالخيار المبشور و الثوم المهروس.
لكن مما يميز (الشعبنة) اساساً هي حلواتها التقليدية اللي تعوَّد عليها الأهالي، مثل الهريسة (و تختلف غير طبخة الهريس)؛ بل هي نوع من الحلوى؛ و معها حلوى الـَّلدو و اللبنية و المُشبـَّك و المعمول و المـَهجـَميّة.. في جدة و في مكة المكرمة.
أما في المدينة المنورة فيتم ايضاً تحضير حلوى (الحيسة) المدينية اللي تشمل التمرة السُّكرية مع الدقيق و السمن البـَرّي.
و في نفس التوقيت، على الساحل الشرقي تحدث مناسبة القرقاعون/القرقيعان في المنطقة الشرقية و بقية الخليج العربي. و تتم مناسبة القرقاعون مرتين في السنة: مرة في (ناصفة شعبان) و تصادف مولد المهدي؛ و مرة في ناصفة رمضان، و تصادف مولد الحسن. و في كلا المناسبتين يخرج الأطفال، يحدوهم بعض اهاليهم، بـُعيدَ الغروب و هم يقرعون بعض الآنيات و يقرقعون على بعض الأواني؛ و يهزجون بعبارات مُرنـَّمة؛ و على أبواب البيوت يتوقفون و يحصلون على ما يطلبون من الحلوى و المكسرات و بعض النقود.. ثم الى بيوتهم يعودون. (و في شـَعبَنة الحجاز، كانت النساء يهزجن في ناصفة شعبان، و كان من جملة اقوالهن: يا قمر نـُصِ شعبان!)
و حركة الاطفال هذه تذكرني بمناسبة امريكية تحل في آخر اكتوبر من كل عام، حيث يخرج الأطفال في مناسبة (الهالوينHalloween) و يسيرون و هم يهزجون، و ايضاً يطالبون بالحلوى و الهدايا (و إلاّ..!!): Trick-or-Treat، و فيها ما يشبه أهازيج -و نبرة- (القرقاعون) في خليجنا. فنلاحظ في الحالتين تشابه اهزوجتي المجموعتين، و في الجمع بين تهديد بريئ خفيف و تحدي طفوليّ ظريف.
*و يبقى الغرض الأساس في هذا و ذاك، هنا و هناك هو بث الفرحة و إشاعة البهجوان.*
*و كل شعبان.. و كل مناسبة و كل سنة و انتم بخير*❤