بقلم/ فاطمة البخيت
مثل كل الأشياء الجديدة غير المألوفة للناس لابد أن تُحدث ضجة، ومع كل موقف صغير تتصاعد الأحداث حتى تبلغ الذروة وكأننا نشاهد فيلماً من أفلام السينما الأمريكية، وهو ما يحدث الآن منذ أن أصبح قيادة المرأة للسيارة أمراً واقعاً بقرار ملكي كريم انتصر فيه سيدي خادم الحرمين الشريفين وسيدي ولي العهد حفظهما الله لإرادة المرأة السعودية، ومواكبة لعصر لم يعد يعترف سوى بأصحاب الإرادة القوية في النجاح والتطور.
ربما يذكر أجدادنا وآباؤنا ممن عاصروا دخول الراديو مثلاً للمرة الأولى كيف كان الناس ينظرون إليه كأمر خارج حدود العقل! .. وكيف تعامل معه الناس أيضاً، وبالعودة لعام 1944م سنجد أن أحد الأزواج بمنطقة تبوك قام بتطليق زوجته لمجرد أنها ذهبت إلى مجمع النساء بمنزل "مدير لاسلكي تبوك" للاستماع إلى الراديو!. وذلك وفقاً لما أورده الباحث عبدالله العمراني في دراسة له.
دخول التليفزيون للمملكة ارتبط أيضاً ببعض ردود الأفعال الغريبة منها أن النساء خاصة كبيرات السن كن يغطين وجوههن أمامه!، كما كان الأبناء يتفاخرون بين أقرانهم من أبناء الجيران بأن والدهم اشترى تلفازاً!!، ويظل يحكي لهم ما رآه من "برامج عجيبة" وهم بين مصدق ومكذب!!.
حتى الإعلانات التجارية في بداية بثها كانت تملأ المجالس صيتاً وتشغل الناس، ولا يملون رؤيتها يوماً بعد آخر .. ثم ماذا حدث بعد كل هذا؟. لقد ملَ الناس البرامج والمسلسلات والقنوات التي ينتهي بثها عند منتصف الليل وبدؤوا يتطلعون إلى قنوات أخرى أكثر متعة، حتى صار لدينا آلاف القنوات، أما الإعلانات فبدأ الناس يغيرون القناة كثيرة الإعلانات إلى قناة أخرى أقل بثاً لها، أو يكتمون صوت الشاشة حتى تمر!!.
كل شيء بأوله يثير المتاعب واللغط حتى يعتاده الناس، فيملونه ولا يجدون فيه ما يثير شهيتهم للكلام، وينشغلون بأمر غيره .. وهكذا ستكون قيادة المرأة السعودية للسيارة، فهي المرة الأولى في عمر المملكة التي سيرى فيها الرجال امرأة بجوارهم في إشارة المرور ماسكة مقود السيارة، وليس فقط جالسة بجوار زوجها أو خلف السائق .. إنه أمر مدهش بلا شك للجميع .. لكن لا تقلقوا فهو سيأخذ وقته ويمر .. وستثبت لنا الأيام ذلك.
همسة ..
العقول التي تهتم بصغائر الأمور ستظل واقفة بمكانها، ولن تتحرك إلى الأمام خطوة واحدة.