بقلم - ريان الجدعاني
"فوائد قيادة المرأة عديدة ولكن سوف أكتب عن الجانب الرياضي، معظم نجوم العالم بدأوا وتأسسوا في الأكاديميات الرياضية بالعالم والأمهات هم الذين يحضرون صغارهم للأكاديميات، لذلك سوف تساهم الأم بقيادتها للسيارة في تطور الرياضة كما تساهم القطاعات الأخرى".
هذه كانت تغريدة نائب رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم سابقاً محمد النويصر، والتي نشرها في اليوم التاريخي للمملكة العربية السعودية الذي تم سماح فيه للمرأة بقيادة السيارة، حيث ربط قيادة المرأة للسيارة بتطور قطاع الرياضة في السعودية.
فقد تلقت تغريدة النويصر الكثير من انتقادات المغردين الذين لم يستوعبوا أهمية دور المرأة في قطاع الرياضة، مع الأخذ بعين الاعتبار سياسة موقع تويتر التي تجبر المغرد على عدم تجاوز ٢٨٠ حرف في التغريدة، ليكون من الصعب كتابة الفكرة كاملة للجمهور.
أتفق مع نائب رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم سابقاً محمد النويصر في بعض أجزاء من فكرته، حيث لا أتفق معه في تأثير القيادة على اللاعبين الذكور وذهابهم للأكاديميات، ولكن أتفق معه في تأثيرها على منظومة الرياضة، بحكم اهتمامي برصد مسيرة الرياضة النسائية في السعودية، وتحديداً كرة القدم النسائية التي بدأت بالظهور تدريجياً في مدينتي الرياض وجدة ومنطقة الشرقية.
من وجهة نظري، سيكون تأثير قيادة المرأة للسيارة كبير للغاية في مجال الرياضة النسائية والتي تحتاج لمثل هذه الدفعات لكي تتقدم بسرعة وتبدأ في منافسات دول الجوار كالبحرين والإمارات والأردن ثم المنافسات على المستوى العالمي، فأول نقاط التأثير ستكون "نفسيا" للاعبة الأنثى، وهذا التأثير بلا شك يعتبر مهم للغاية، ما لم يكن العتبة الأولى لنهوض الرياضة السعودية.
قبل قرار قيادة المرأة للسيارة، كانت أغلب نساء السعودية يمارسن نشاطهن الرياضي بالألعاب الجماعية ككرة القدم والسلة والطائرة في أماكن مغلقة وبعيدة عن الأنظار، خوفاً من ردة فعل المجتمع، حيث كانت اللاعبة تجد صعوبة في الاعتراف بأنها تلعب كرة القدم مثلاً.
ولكن بعد ظهور القرار التاريخي أصبحت المرأة السعودية مستعدة أن تصدح بأعلى صوتها بكل فخر واعتزاز دون خوف أو تردد.. "أنا لاعبة كرة قدم".
فالدفعة النفسية التي أتت بعد القرار التاريخي سيشجع الكثير من الفتيات على الانخراط في الفرق النسائية للرياضات الجماعية، وهذا الأمر سيساهم في ازدياد عدد الفرق ليصبح لدينا عدد كبير من اللاعبات القادرات على تمثيل الوطن في المحافل الدولية.
بالتأكيد لا يجب علينا أن ننسى المشاركة المشرفة لفريق (جدة يونايتد) لكرة السلة في منافسات الدورة الرابعة من دورة الألعاب للأندية للسيدات في الشارقة الإماراتية والتي أقيمت في شهر فبراير الماضي وتم بث مبارياتها عبر قناة الشارقة الرياضية، أي قبل القرار التاريخي، ولهذا سيكون لجدة يونايتد برئاسة عضو مجلس الشورى الأستاذة لينا آل معينا، الأولية في تحقيق هذه الدفعة النفسية لبقية فرق السلة النسائية التي بدأت في الظهور تدريجياً في الرياض وجدة.
التأثير الثاني الذي لا يقل أهمية عن التأثير الأول، وهي تشجع الجهات الرسمية في دعم المرأة وإدخالها في المجال الرياضي دون تردد أو خوف كما كان يحدث في السابق، حيث أصبح الطريق سالكاً بالنسبة للاتحاد السعودي لكرة القدم في تنمية كرة القدم النسائية ورعاية الفرق النسائية التي أصبحت تمتلك الشجاعة في الظهور للعلن والتواصل مع الجمهور والمجتمع عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي.
مع العلم أن الاتحادات السعودية للألعاب الفردية كألعاب القوى والمبارزة والدراجات الهوائية والسيارات بدأت مبكراً في الاعتماد على اللاعبات منذ السنوات الماضية، أي قبل القرار التاريخي لقيادة المرأة السيارة، ليكون الوقت قد حان لدخول اتحادات الألعاب الجماعية ككرة القدم والسلة والطائرة واليد لسباق تنمية الرياضة النسائية.
التأثير الثالث والذي سيكون الأخير في المقال فقط وليس الأخير في الساحة الرياضية، هو التأثير الذي ذكره نائب رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم سابقاً محمد النويصر، ولكن مع تعديل صيغته، فقد ذكر النويصر بأن الأمهات سيصبحن قادرات على توصيل أبنائهم للأكاديميات، ولكن التعديل بالنسبة لي سيكون هو أن المرأة نفسها ستكون قادرة على الذهاب إلى فريقها النسائي دون عائق غياب السائق ومعاناة توفير سائق الأجرة.
فكثير من المواهب النسائية واجهن صعوبة في إكمال مسيرتهن الرياضية بسبب عائق المواصلات، وهذه القصة تكررت كثيراً في السنوات الماضية مع الفرق النسائية في العاصمة الرياض بحكم كبر مساحة المدينة، ولكن مع القرار التاريخي تم حل هذه المعضلة والتي بالتأكيد ستسهل من مشوارهن الرياضي والذي سيكون بإذن الله ناجحاً وعظيماً، فنجاح اللاعبىة السعودية في الرياضة سيكون بالتأكيد نجاح لمسيرة الوطن في مجال الرياضة.