بقلم/ طلال ملائكة
لا زلت أتذكر حواري قبل كم سنة مع عدد من الاشخاص اللذين أعرفهم حيال قضايا خاصة بالمرأة كثيرة منها( قضية الشاعرة هند - وفتاة حائل واقترانها برشيدي ومظاهرات الاعتراض على ذلك ) .. وحجم الجدل والنقاش الحاد حتى وصل لحد العنصرية (أيش عرفك بعلوم القبائل ) كل ذلك بسبب اثارتي لتلك القضايا .
ولكنني أجزم بانه ليست هناك قضية لفتاة سعودية حازت على أهتمام أعلامي وأممي كما هي قضية رهف محمد القنون .. فمن هي رهف ؟ .
رهف محمد القنون فتاة جامعية من حائل .. تبلغ من العمر ١٨ عام . . سافرت مع عائلتها للكويت لقضاء فترة الاجازة المدرسية .. خططت مسبقاً للهرب .. وفي الكويت غادرت سراً على احدى رحلات الخطوط لتايلند تمهيداً لمواصلة السفر لاستراليا ..وحين اكتشف اَهلها هروبها .. نسقوا مع الخطوط والقنصلية لإيقاف سفرها الى استراليا وإعادتها اليهم .. وفعلاً تم ايقاف سفرها بالمطار وحاولت الجهات الأمنية التايلندية إعادتها ..وهنا تطورت الاحداث وأخذت الامور منحى جديداً .. حيث رفضت رهف الرجوع واستخدمت جوالها ووسائل التواصل الاجتماعي ( تويتربالذات ) وناشدت الامم المتحدة بمساعدتها وحمايتها .. وبدأت الامور تتوالى بسرعة وخلال ساعات وجدنا وكالة الامم المتحدة للاجئين تتدخل وتمنحها الحماية الكاملة بموجب القانون الدولي .. وانتهت القضية حتى الان بان كندا منحتها اللجوء السياسي وهاهي الان في كندا.
وكمتابع لقضايا الشأن العام لفت انتباهي النقاط التالية :
*من حيث الناحية الاعلامية :
-قوة وسائل التواصل الاجتماعي فخلال ساعات وبعد ان بدأت رهف تغرد بقضيتها ارتفع عدد متابعينها خلال ساعات من 5000-17000–57000-80000-90000.
-ورد أن القائم بالاعمال قال انه من المفترض سحب جوالها .
-انتشر وتابع هاشتاقات ومجريات قضيتها عشرات الملايين سواء بالرسائل باللغة الانجليزية اوباللغة العربية او بالمشاهدة.
-الفضائيات الإخبارية الاعلامية العالمية تابعت قضيتها ونشرت أحداثها منذ الساعات الاولى .
*ومن حيث ردود الأفعال داخلياً بالوطن فقد لاحظت التالي :
-محاولة البعض الدفاع عن الوطن مستخدمين في ذلك لغة بذئية بحق المذكورة حيث تم وصفها( عاهرة-ملحدة-عاقة-متعرية-فاسقة...).
-اتهام اللبيراليين والعلمانيين بانهم السبب .
-الإصرار على أن هناك جهات عالمية وداخلية تستهدف فتياتنا المسلمات .
-أن السعودية مستهدفة من قوى ...وغيره.
-تكرار سؤال غبي من البعض ( أيش تعود ؟)وكأن الامم الاخرى تهتم .
*ومن وجهة نظري ان قضية رهف لا تخرج عن مجمل القضايا الاخرى والتي عاشها مجتمعي خلال العقود الماضية .. وعن نفسي اربطها في المجمل ومن ثم استنتج منها .. وعلى سبيل المثال( قضية ..رانيا الباز وتعنيفها عام 2004- قضايا تكافؤ النسب وفصل امهات عن اطفالهن -قضية الشاعرة هند المطيري وقصيدتها " ويح القبيلة" - قضية الفتاة الحربية والتي ارادت ان تتجوز الرشيدي بحائل -قضية الفتاتين المنتحرتين بامريكا ...الخ ).
*نحن في مجتمعنا نرفع الشعارات ونتغنى بها ولكن بعض الأحيان نكتشف ان ذلك غير حقيقي .
*الاخلاقيات والقيم والسلوكيات تغرس في النْشّئ من خلال ثقافة المجتمعات وذلك من خلال التربية في البيت والتعليم ..القوانين عامل مساعد فقط .
*ان الحالات الشاذة والتي يسميها البعض بذلك قد تكررت "ولفتت الانتباه على مستوى الوطن والعالم العربي والعالم باجمعه ولفتت الانتباه نحو الدولة السعودية .. سواء من منظمات حقوقية دولية .. وحدثت أزمات دولية ( مع كندا ) .. كل ذلك بسبب بعض تلك الحالات .
*لماذا لا نتعامل بواقع العصر ولا نسطح مايحدث ونلقي اللوم على الجهات المعادية ونظرية المؤامرت والاستهداف الصهيوني والإيراني وغيره .
*ولنفرض ان نظريات المؤامرات موجودة وان غسل دماغ شبابنا وبناتنا من جهات خارجية موجود .. مثلما بررنا ( قضايا شبابنا المجاهدين الانتحاريين في العراق وسوريا طبعاً مع فارق النسبة المئوية مابين الظاهرتين ).. ولكن صغار الشرر ممكن يتزايد ويتطور.
*ومن وجهة نظري ان السبب الرئيسي لتلك القضايا هو أن مجتمعنا غيب او تغافل او تمهمل في حقوق النساء خلال النصف قرن الماضي لا عتبارات كثيرة .. وتشدق بجمل صورية فقط مثل ( المراة نصف المجتمع - المراة الاخت والام - يارجال اختاروا المرأة الودود الولود ...الخ ).
* وكحلول على الجهات المعنية بقضايا المرأة ( تعليم - شرطة -أمارة -شئون اجتماعية -محاكم - سفارات المملكة -معالجين قضايا أسرية قطاع حكومي وايضاً القطاع الخاص ...واي جهات تعاملت او تتعامل مع قضايا المرأة ).. أن تقدم هذه الجهات احصائيات القضايا التي لديها خلال ال 10 ألاعوام الماضية .
*ومن ثم تقدم تلك الأحصائيات لجهات البحث والدراسات العلمية في الإدارات الحكومية التالية ( امن الدولة -الامن القومي - الشئون الاجتماعية - وزارة الخارجية ) .. لدراسة المسببات بشكل شفاف وصادق وللخروج بتوصيات حقيقية للمعالجة .
*أن تتعامل الحكومة مع مثل هذه القضايا كقضايا أسرية تخص العوائل .. ولا تشغل حالها وسمعتها في مثل هذه القضايا ألا من خلال الدعم المعنوي للأسر حين تطلب الأسر ذلك .. وتتدخل الحكومة فقط حين يتم مخالفة القوانين .
حفظ الله بلاد الحرمين .